التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٨٣
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

فقيل { قال } يعقوب عندما رجعوا اليه فقالوا له ما قاله لهم اخوهم { بل } اضراب عما يتضمن كلامهم من ادعاء البراءة من التسبب فيما نزل به وانه لم يصدر منهم ما يؤدى الى ذلك من قول او فعل كأنه قيل لم يكن الامر كذلك بل { سولت لكم } زينت وسهلت { انفسكم امرا } من الامور اردتموه ففعلتموه وهو فتواكم ان جزاء السارق ان يؤخذ ويسترق والا فما ادرى الملك ولولا فتواكم وتعلمكم لما حكم الملك بذلك ظن يعقوب عليه السلام سوءا بهم كما كان فى قصة يوسف قبل فاتفق ان صدق ظنه هناك ولم يتحقق هنا.
قال السعدى [دروغ كفتن بضربت لازب ماند كه اكر نيز جراحت درست شود نششان بماند جون برادران يوسف بدروغى موسوم شدند بر راست كفتن ايشان نيز اعتماد نماند] قال الله تعالى { بل سولت لكم } الآية

كسى را كه عادت بزد راستى خطا كر دند در كذارند ازو
وكر نامور شد بناراستى دكر راست باور ندارند ازو

{ فصبر جميل } اى فامرى صبر جميل وهوان لا يكون فيه شكوى الى الخلق
وعن ابى الحسن قال خرجت حاجا الى بيت الله الحرام فبينا انا اطوف واذا بامرأة قد اضاء حسن وجهها فقلت والله ما رأيت الى اليوم قط نضارة وحسنا مثل هذه المرأة وما ذاك الا لقلة الهم والحزن فسمعت ذلك القول منى فقالت كيف قلت يا هذا الرجل والله انى لوثيقة بالاحزان مكلومة الفؤاد بالهموم والاشجان ما يشركنى فيها احد فقلت وكيف ذلك قال ذبح زوجى شاه ضحينا بها ولى ولدان صغيران يلعبان وعلى يدى طفل يرضع فقمت لاصنع لهم طعاما اذ قال ابنى الكبير للصغير ألا اريك كيف صنع ابى بالشاة قال بلى فاضطجعه وذبحه وخرج هاربا نحو الجبل فاكله ذئب فانطلق ابوه فى طلبه فادركه العطش فمات فوضعت الطفل وخجرت الى الباب انظر ما فعل ابوهم فدب الطفل الى البرمة وهى على النار فالقى يده فيها وصبها الى نفسه وهى تغلى فانتشر لحمه من عظمه فبلغ ذلك ابنة لى كانت عند زوجها فرمت بنفسها الى الارض فوافقت اجلها فافردنى الدهر من بينهم فقلت لها فكيف صبرك على هذه المصائب العظيمة فقالت ما من احد ميز الصبر والجزع الا وجد بينهما منهاجا متفاوتا فاما الصبر بحسن العلانية فمحمود العاقبة واما الجزع فصاحبه غير معوض ثم اعرضت وهى تنشدنى

صبرت وكان الصبر غير معول وهل جزع يجدى علىّ فاجزع
صبرت على ما لو تحمل بعضه جبال غرور أصبحت تتصدع
ملكت دموع العين حتى رددتها الى ناظرى فالعين فى القلب تدمع

{ عسى الله ان ياتينى بهم جميعا } [شايدكه خداى تعالى آورد همه ايشانرا بمن] اى بيوسف واخيه والمتوقف بمصر فانهم حين ذهبوا الى البادية اول مرة كانوا اثنى عشر فضاع يوسف وبقى احد عشر ولما ارسلهم الى مصر فى الكرة الثانية عادوا تسعة لان بنيامين حبسه يوسف واحتبس ذلك الكبير الذى قال فلن ابرح الارض فلما بلغ الغائبون ثلاثة لاجرام اورد صيغة الجمع { انه هو العليم } بحال فى الحزن والاسف { الحكيم } الذى لم يبتلنى الا لحكمة بالغة.
واعلم ان البلاء على ثلاثة اضرب. منها تعجيل عقوبة للعبد. ومنها امتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه. ومنها كرامة ليزداد عنده قربة وكرامة. واما تعجيل العقوبة فمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذى هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله
{ { اذكرنى عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين } ومثل ما نزل بيعقوب كما قال وهب اوحى الله الى يعقوب أتدرى لما عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة قال لا الهى قال لانك شويت عناقا وقترت على جارك واكلت ولم تطعمه -وروى- ان سبب ابتلاء يعقوب انه ذبح عجلا بين يدى امه وهو يخور.
وقيل اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت -وروى- انه اوحى اليه انما وجدت عليكم لانكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه منها شيئا. واما الامتحان فمثل ما نزل بايوب عليه السلام قال تعالى
{ { انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب } . واما الكرامة فمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطئية قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى اسرائيل وفى الكل عظم الاجر والثواب بالصبر وعدم الاضطراب.
وقام بعضهم ليقضى ورده من الليل فاصابه من شدته فجازت عليه سنة فقال له قائل ما جزاء ان انمناهم واقمناك الا ان تبكى علينا فانتبه واستغفر.
قال ابو القاسم القشيرى سمعت الاستاذ ابا على الدقاق يقول فى آخر عمره وقد اشتدت به العلة من امارات التأييد حفظ التوحيد فى اوقات الحكم ثم قال كالمفسر لفعله مفسرا لما كان فيه من حاله وهو ان يقرضك بمقاريض القدرة فى امضاء الاحكام قطعة قطعة وانت ساكن خامد: قال الحافظ

عاشقانرا كردر آتش مى بسندد لطف يار تنك جشم كرد نظر جشمه كوثركنم