التفاسير

< >
عرض

عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ
٩
-الرعد

روح البيان في تفسير القرآن

{ عالم الغيب } خبر مبتدأ محذوف واللام للاستغراق اى هو تعالى عالم كل ما يطلق عليه اسم الغيب وهو ما غاب عن الحس فيدخل فه المعلومات والاسرار الخفية والآخرة.
قال بعضهم ما ورد فى القرآن من اسناد علم الغيب الى الله تعالى انما هو بالنسبة الينا اذ لا غيب بالنسبة الى الله تعالى.
وقال بعض سادات الصوفية قدس الله اسرارهم لما سقطت جميع النسب والاضافات فى مرتبة الذات البحت والهوية الصرفة انتفت النسبة العلمية فانتفى لعلم بالغيب يعنى بهذا الاعتبار واما باعتبار التعينات واثبات الوجودات فى مرتبة الصفات وهى مرتبة الذات الواحدية فالعلم على حاله فافهم

برو علم يك ذره يوشيده نيست كه بيدا وبنهان بنزدش يكيست

{ والشهادة } اى كل ما يطلق عليه اسم الشهادة وهو ما حضر للحس فيدخل فيه الموجودات المدركة والعلانية والدنيا { الكبير } العظيم الشأن الذى لا يخرج عن علمه شيء { المتعال } المستعلى على كل شيء بقدرته.
وفى الكواشى عن صفات المخلوقات وقول المشركين.
وفى التأويلات
{ { الله يعلم ما تحمل كل انثى } ذرة من ذرات المكونات من الآيات الدالة على وحدانيته لانه اودعه فيها وقال { { سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم } : وقال الشاعر

ففى كل شيء له آية تدل على انه الواحد

وقال

جهان مرآت حسن شاهد ماست فشاهد وجهه فى كل من ذرات

وايضا يعلم ما اودع فيها من الخواص والطبائع { { وما تغيض الارحام } ارحام الموجودات وارحام المعدومات اى وما تغيض من المقدورات أرحام الموجودات بحيث تبقى فى الارحام ولا تخرج منها { { وما تزداد } اى وما تخرج منها { { وكل شيء عنده بمقدار } اى وكل شيء مما يخرج من ارحام الموجودات والمعدومات وما يبقى فيها عند علمه وحكمته بمقدار معين موافق لحكمة خروج ما خرج وبقاء ما بقى لانه { عالم الغيب والشهادة } اى عالم بما غاب عن الوجود والخروج بحكمته وبما شاهد فى الوجود والخروج { الكبير المتعال } فى ذاته واحاطة علمه بالموجودات والمعدومات وبما فى ارحامهما المتعال فى صفاته بانه متفرد بها.
وفى شرح الاسماء الحسنى الكبير هو ذو الكبرياء والكبرياء عبارة عن كمال الذات واعنى بكمال الذات كمال الوجود وكمال الوجود يرجع الى شيئين احدهما دوامه ازلا وابدا وكل موجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان اذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم وان كان ما طالت مدة وجوده مع كونه محدود مدة البقاء كبيرا فالدائم الازلى الابدى الذى يستحيل عليه العدم اولى بان يكون كبيرا والثانى ان وجوده هو الوجود الذى يصدر عنه وجود كل موجود فان كان الذى تم وجوده فى نفسه كاملا وكبيرا فالذى فاض منه الوجود لجميع الموجودات اولى بان يكون كاملا كبيرا والكبير من العباد هو الكامل الذى لا يقتصر عليه صفات كمال بل ينتهى الى غيره ولا يجالسه احد الا ويفيض عليه من كماله شيء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من انواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء والمتعال بمعنى العلى الا ان فيه نوع مبالغة وهو الذى لا رتبة فوق رتبته والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا اذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الانبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لان علوه بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر علوه بالاضافة الى الموجودات لا بطريق الوجوب بل يقارنه امكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذى له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجود لا بحسب الوجود الذى يقارنه امكان نقيضه