التفاسير

< >
عرض

رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
٣٧
-إبراهيم

روح البيان في تفسير القرآن

{ ربنا } [اى بروردكارما] والجمع لان الآية متعلقة بذريته فالتعرض لوصف ربوبيته تعالى لهم ادخل فى القبول { انى اسكنت من ذريتى } اى بعض ذريتى وهم اسماعيل ومن ولد منه فان اسكانه متضمن لاسكانهم { بواد غير ذى زرع } هو وادى مكة فانها حجرية لا تنبت اى لا يكون فيها شيء من زرع قط كقوله تعالى { { قرآنا عربيا غير ذى عوج } بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج وما فيه الا الاستقامة لا غير.
وفى تفسير الشيخ لانهاواد بين جبلين لم يكن بها ماء ولا حرث.
وفى بحر العلوم واما فى زماننا فقد رزق الله اهله ماء جاريا { عند بيتك المحرم } ظرف لاسكنت كقولك صليت بمكة عند الركن وهو الكعبة والاضافة للتشريف وسمى محرما لانه عظيم الحرمة حرم الله التعرض له بسوء يوم خلق السموات والارض وحرم فيه القتال والاصطياد وان يدخل فيه احد بغير احرام ومنع عنه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمى عتيقا لانه اعتق منه.
وفى التأويلات النجمية عند بيتك المحرم وهو القلب المحرم ان يكون بيتا لغير الله كما قال
"لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن"

آنكه ترا كوهر كنجينه ساخت كعبه جان حرم سينه ساخت

{ ربنا } كرر النداء لاظهار كمال العناية بما بعده { ليقيموا الصلوة } اللام لام كى متعلقة باسكنت اى ما اسكنتكم بهذا الوادى اليلقع الخالى من كل مرتفق ومرتزق الا لاقامة الصلاة عند بيتك المحرم لدلالة قوله { بواد غير ذى زرع } على انه لا غرض له دنيوى فى اسكانهم عند البيت المحرم وتخصيص الصلاة بالذكر من بين سائر شعائر الدين لفضلها ولان بيت الله لا يسعه الا الصلاة وما فى معناها وهى الاصل فى اصلاح النفس وكان قريش يمتنعون عن ذلك لزيادة كبرهم { فاجعل افئدة من الناس } جمع فؤاد وهى القلوب ومن للتبعيض { تهوى اليهم } تسرع اليهم شوقا وتطير نحوهم محبة يقال هوى يهوى من باب ضرب هويا وهويا سقط من علو الى سفل سرعة. وايضا صعد وارتفع كما فى كتب اللغة واما ما يكون من باب علم فهو بمعنى احب يقال هويه هوى فهو هو احبه وتعديته بالى لتضمنه معنى الشوق والنزوع. والمعنى بالفارسية [بس نكردان دلهاى بعضى از مردمان راكه بكشش محبت بشتابند بسوى ايشان] اى اسماعيل وذريته وهم المؤمنون ولو قال افئدة الناس بدون من التبعضية لازدحمت عليهم فارس والروم والترك والهند

آنراكه جنان جمال باشد كردل ببرد حلال باشد
وآنكس كه برانجنان جمالى عاشق نشود وبال باشد

قال المولى الجامى قدس سره

روبحرم نه كه بران خوش حريم هست سيه بوش نكارى مقيم
قبله خوبان عرب روى او سجدة شوخان عجم سوى او

{ وارزقهم } اى ذريتى الذين اسكنتهم هناك او مع من ينحاز اليهم من الناس وانما لم يخص الدعاء بالمؤمنين كما فى قوله { { وارزق اهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر } اكتفاء بذكر اقامة الصلاة { من الثمرات } من انواعها بان يجعل بقرب منه قرى يحصل فيها ذلك او يجبى اليه من الاقطار البعيدة وقد حصل كلاهما حتى انه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية فى يوم واحد -روى- عن ابن عباس ان الطائف وهى على ثلاث مراحل من مكة كانت من ارض فلسطين فلما دعا ابراهيم بهذه الدعوة رفعها الله ووضعها رزقا للحرم { لعلهم يشكرون } تلك النعمة باقامة الصلاة واداء سائر مراسم العبودية.
يقول الفقير اختلف العلماء فى ان هذا الدعاء بعد بناء البيت او قبله اول ما قدم مكة ويؤيد الاول قوله
{ { رب اجعل هذا البلد } فان الظاهر ان الاشارة حسية وقوله { عند بيتك المحرم } وقوله { { الحمد لله الذى وهب لى على الكبر اسماعيل واسحق } فان اسحاق لم يكن موجودا قبل البناء.
وقال بعضهم الاشارة فى هذا البلد الى الموجود فى الذهن قبل تحقق البلدية فان الله لما ابان موضعه صحت اشارته اليه والمسئول توجيه القلوب الى الذرية للمساكنة معهم لا توجيها الى البيت للحج فقط والا لقيل تهوى اليه وهو عين الدعاء بالبلدية.
يقول الفقير فيه نظر لانه لم لا يجوز ان يكون المعنى على حذف المضاف اى تهوى الى موضعهم الشريف للحج وقد اشار اليه فى التيسير حيث قال عند قوله { تهوى اليهم } حبب هذا البيت لى عبادك ليأتوه فيحجوه.
قال فى الارشاد تسميته اذ ذاك بيتا ولم يكن له بناء وانما كان نشزا اى مكانا مرتفعا تأتيه السيول فتأخذ ذات اليمين وذات الشمال باعتبار ما كان من قبل فان تعدد بناء الكعبة المعظمة مما لا ريب فيه وانما الاختلاف فى كمية عدده كما قال الكاشفى عند قوله { بيتك المحرم } [مراد موضع خانه ضراح است كه درزمان آدم بوده واكر نه بوقت دعاء ابراهيم خانه نبوده] والضراح كغراب البيت المعمور فى السماء الرابعة كما فى القاموس.
ويؤيد هذا ما روى ان ابراهيم عليه السلام كان يسكن فى ارض الشام وكانت لزوجته سارة جارية اسمها هاجر فوهبتها من ابراهيم فلما ولدت له اسماعيل غارت سارة وحلفته ان يخرجهما من ارض الشام الى موضع ليس فيه ماء ولا عمارة فتأمل ابراهيم فى ذلك كما قال الكاشفى [خليل متأمل شد وجبرائيل وحى آورده كه هرجه ساره ميكويد جنان كن بس ابراهيم ببراقى نشسته وهاجر واسماعيل را سوار كرده باندك زمانى ازشام حرم آمد] فلما اخرجهما الى ارض مكة جاء بها وبابنها وهى ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم فى اعلى المسجد ولم يكن بمكة يومئذ احد وليس بها ماء ووضع عندها جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم عاد متوجها الى الشام فتبعته ام اسماعيل وجعلت تقول له الى من تكلنا فى هذا البلقع وهو لا يرد عليها جوابا حتى قالت آلله امرك بهذا بان تسكننى وولدى فى هذا البلقع فقال ابراهيم نعم قالت اذا لا يضيعنا فرضيت ورجعت الى ابنها ومضى ابراهيم حتى اذا استوى على ثنية كداء وهو كسماء جبل باعلى مكة اقبل على الوادى اى استقبل بوجهه نحو البيت ورفع يديه فقال { ربنا انى اسكنت } الآية وجعلت ام اسماعيل ترضعه وتأكل التمر وتشرب الماء فنفد التمر والماء فعطشت هى وابنها فجعل يتلبط فذهبت عنه لئلا تراه على تلك الحالة فصعدت الصفا تنظر لترى احدا فلم تر ثم نزلت اسفل الوادى ورفعت طرف درعها ثم سعت سعى الانسان المجهود حتى اتت المروة وقامت عليها ونظرت لترى احد فلم تر فعلت ذلك سبع مرات فلذلك سعى الناس بينهما بعد الطواف سبع مرات فلما اشرفت على المروة سمعت صوتا فاذا هى بالملك عند موضع زمزم فبحث اى حفر بجناحه حتى ظهر الماء.
قال الكاشفى [جشمه زمزم بركف جبريل يا باثر قدم اسماعيل بديد آمد] فجعلت تحوضه بيدها وتغرف من الماء لسقائها وهو يفور بعد ما تغرف قال صلى الله عليه وسلم
"رحم الله ام اسماعيل لو تركت زمزم او قال لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا" اى جارية ظاهرة على وجه الارض فشربت وارضعت ولدها فقال الملك لا تخافوا الضيعة فان ههنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وابوه وان الله لا يضيع اهله كما فى تفسير الشيخ.
قال فى الارشاد واول آثار هذه الدعوة ما روى انه مرت رفقة من جرهم تريد الشام وهم قبيلة من اليمن فرأوا الطير تحوم على الجبل فقالوا لا طير الا على الماء فقصدوا اسماعيل وهاجر فرأوهما وعندهما عين ماء فقالوا اشركينا فى مائك نشركك فى الباننا ففعلت وكانوا معها الى ان شب اسماعيل وماتت هاجر فتزوج اسماعيل منهم كما هو المشهور.
قال الكاشفى [قبيله جرهم آنجا داعيه اقامت نمودند وروز بروز شوق مردم بران جانب درتزايدست.
وفى التأويلات النجمية قوله { انى اسكنت } الآية يشير الى محمد صلى الله عليه وسلم فانه كان من ذريته وكان فى صلب اسماعيل فتوسل بمحمد صلى الله عليه وسلم الى الله تعالى فى اعانة هاجر واسماعيل يعنى ان ضيعت اسماعيل ليهلك فقد ضيعت محمدا واهلكته

بيشترا از آمدن زربكان سكه توبود بعالم عيان