التفاسير

< >
عرض

لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ
١٥
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ لقالوا } لغاية عنادهم وتشكيكهم فى الحق { انما سكرت ابصارنا } اى سدت من باب الاحساس: يعنى [اين صورت در خارج وجود ندارد].
قال فى القاموس قوله تعالى
{ { سكرت ابصارنا } اى حبست عن النظر وحيرت او غطيت وغشيت.
وفى تهذيب المصادر السكر [بند بستن] كما قال الكاشفى [جزين نيست كه برسته اند جشمهاى مارا و خيره ساخته] { بل نحن قوم مسحورون } قد سحرنا محمد كما قالوا عند ظهور سائر الآيات الباهرة كما قال تعالى حكاية عنهم
{ { ويقولوا سحر مستمر } تلخيصه لو اوتو بما طلبوا لكذبوا لتماديهم فى الجحود والعناد وتناهيهم فى ذلك كما فى الكواشى. وفى كلمتى الحصر والاضراب دلالة على انهم يبتون القول بذلك وان ما يرونه لا حقيقة له وانما هو امر خيل اليهم بنوع من السحر قالوا كلمة انما تفيد الحصر فى المذكور آخرا فيكون الحصر فى الابصار لا فى التسكير فكأنهم قالوا سكرت ابصارنا لا عقولنا فنحن وان نتخايل بابصارنا هذه الاشياء لكنا نعلم بعقولنا ان الحال بخلافه ثم قالوا بل نحن كأنهم اضربوا عن الحصر فى الابصار وقالوا بل جاوز ذلك الى عقولنا بسحر سحره لنا

اى رسول ماتو جادو نيستى آنجنانكه هيج مجنون نيستى

واعلم ان السحر من خرق العادة قد يصدر من الاولياء فيسمى كرامة وقد يصدر من اصحاب النفوس القوية من اصل الفطرة وان لم يكونوا اولياء وهم على قمسين اما خير بالطبع او شرير والاول ان وصل الى مقام الولاية فهو ولىّ وان لم يصل فهو من الصلحاء المؤمنين والمصلحين والثانى خبيث ساحر ولكل منهما التصرّف فى العالم الشهادى بحسب مساعدة الاسباب المهيأة لهم فان ساعدتهم الاسباب الخارجية استولوا على اهل العالم كالفراعنة من السحرة وان لم تساعدهم ليس لهم ذلك الا بقدر قوّة اشتغالهم باسبابهم الخاصة والسحر لا بقاء له بخلاف المعجزة كالقرآن فانه باق على وجه كل زمان والسحر يمكن معارضته بخلافها ولا يظهر السحر الا على يد فاسق وكذا الكهانة والضرب بالرمل والحصى ونحو ذلك والضرب بالحصى هو الذى يفعله النساء ويقال له الطرق وقيل الخط فى الرمل واخذ العوض عليه حرام كما فى فتح القريب.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدى فى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الابدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة.
وقال الامام ابو حنيفة لا حقيقة له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال جعفر الاسترابادى من الشافعية وتعلمه حرام بالاجماع وكذا تعلم الكهانة والشعبذة والتنجيم والضرب بالشعير واما المعزم الذى يعزم على المصروع ويزعم انه يجمع الجن وانها تطيعه فذكره اصحابنا فى السحرة - روى - عن الامام احمد انه توقف فيه وسئل سعيد بن المسيب عن الرجل الذى يؤخذ عن امرأته ويلتمس من يداويه فقال انما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع فان استطعت ان تنفع اخاك فافعل انتهى ما فى اختلاف الائمة باختصار وكون السحر اشراكا مبنى على اعتقاد التأثير منه دون الله والتطير والتكهن والسحر على اعتقاد التأثير كفر وكذا الذى تطير له او تكهن أو سحر له ان اعتقد ذلك وصدقه كفر والا فحرام وليس بكفر فعلى الاول معنى قوله عليه السلام
"ليس منا من تطير او تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سحر له" انه كافر وعلى الثانى ليس من اهل سنتنا وعامل طريقتنا ومستحق شفاعتنا واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء الله تعالى لدفع البلاء فلا بأس ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التاتارخانية وعند البعض يجوز عدم النزع اذا كان مستورا بشيء والاولى النزع كذا فى شرح الكردى على الطريقة