التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ
٤٣
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ
٤٤
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان جهنم } معرب فارسى الاصل.
يقال ركيه جهنام اى بعيدة الغور وكأنه فى الفرس [جه نم] وفى تفسير الفاتحة للفنارى سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام اذا كانت بعيدة القعر وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين وهى اعظم المخلوقات وهى سجن الله فى الآخرة { لموعدهم } مكان الوعد للمتبعين اى مصيرهم { اجمعين } تأكيد للضمير والعامل الاضافة يعنى الاختصاص لا اسم مكان فانه لا يعمل.
{ لها سبعة ابواب } يدخلون منها كل باب فوق باب على قدر الطبقات لكل طبقة باب { لكل باب } من تلك الابواب المنفتح على طبقة من الطبقات وقوله { منهم } اى من الاتباع حال من قوله { جزء مقسوم } ضرب معين مفرز من غيره حسبما استعداده فللطبقة الاولى وهى العليا العصاة من المسلمين.
وعن الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر انه قال تبقى جهنم خالية ومراده الطبقة العالية فانها مقر عصاة المؤمنين ولا ريب ان من كان فى قلبه مثقال ذرة من ايمان اى من معرفة الله تعالى فانه لا يبقى مخلدا فتبقى جهنم خالية. واما الطبقات السافلة فاهلها مخلدة.
يقول الفقير لكلامه محمل آخر عندى معلوم عند القوم لا يصح كشفه وللطبقة الثانية اليهود وللثالثة النصارى وللرابعة الصابئون وللخامسة المجوس وللسادسة المشركون وللسابعة المنافقون.
واختلف الروايات فى ترتيب طبقات النار وفى الاكثر جهنم اولها وفيما بعدها اختلاف ايضا كما فى حواشى سعدى جلبى المفتى. وسميت جهنم لما سبق. ولظى لشدة ايقادها. والحطمة لانها تحطم. والسعير لتوقدها. وسقر لشدة الالتهاب. والجحيم لعمقها. والهاوية لهويها وتسفلها. وفى بحر العلوم اعلم انه لا يتعين لتلك الابواب السبعة الا من عصى الله تعالى بالاعضاء السبعة العين والاذن واللسان والبطن والفرج والرجل والاولى فى الترتيب ما فى الفتوحات ان كونها سبعة ابواب بحسب اعضاء التكليف وهى السمع والبصر واللسان واليدان والقدمان والفرج والبطن فالاعضاء السبعة مراتب ابواب النار فاحفظها كلها من كل ما نهاه الله وحرمه والا يصير ما كان لك عليك وتنقلب النعمة عقوبة

هفت در دوزخند درتن تو ساخته نقششان درو در بند
هين كه دردست تست قفل امروز درهرفت محكم اندر بند

وفى التأويلات النجمية { وان جهنم } البعد والاحتراق من الفراق { لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب } من الحرص والشره والحقد والحسد والغضب والشهوة والكبر { لكل باب } من الارواح المتبعين لابليس النفس المتصفين بصفاتها { جزؤ مقسوم } بحسب الاتصاف بصفاتها.
وقيل خلق تعالى للنار سبعة ابواب دركات بعضها تحت بعض. وللجنة ثمانية ابواب درجات بعضها فوق بعض لان الجنة فضل والزيادة فى الفضل والثواب كرم وفى العذاب جور. وقيل الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان فمن اذن واقام غلقت عنه ابواب النيران وفتحت له ابواب الجنة الثمانية.
واعلم ان اشد الخلق عذابا فى النار ابليس الذى سن الشرك وكل مخالفة وعامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه فى اصل خلقته وهى النار فيعذب غالبا بما فى جهنم من الزمهرير