التفاسير

< >
عرض

مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ
٥
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ما تسبق } ما نافية { من } زائدة { امة } من الامم الهالكة وغيرهم { اجلها } المكتوب فى كتابها اى لا يجيئ هلاكها قبل مجيئ كتابها { وما يستأخرون } اى وما يتأخرون عنه وانما حذف لانه معلوم ولرعاية الفواصل وصيغه الاستفعال للاشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له واما تأنيث ضمير امة فى اجلها وتذكيره فى يستأخرون فللحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى اخرى.
وفى التأويلات النجمية { ما تسبق من امة اجلها } حتى يظهر منها ما هو سبب هلاكها وتستوفى نفسها من الحظوظ ما يبطل الحقوق { وما يستأخرون } لحظة بعد استيفاء اسباب الهلاك والعذاب: قال السعدى

طريقى بدست وصلحى بجوى شفيعى برانكيز وعذرى بكوى
كه يك لحظة صورت نه بنددامان جو بيمانه برشد بدور زمانه

فعلى العاقل ان يجتهد فى تزكية النفس الامارة وازالة صفاتها المتمردة ومن المعلوم ان الدنيا كالقرية الصغيرة والآخرة كالبلدة الكبيرة ولم يسلم من الآفات الا من توجه الى السواد الاعظم فانه مأمن لكل نفس فلو مات عند الطريق فقد وقع اجره على الله ولو تأخر واجتهد فى عمارة قرية من الجسد واشتغل بالدنيا واسبابها هلك مع الهالكين واذا كان لكل نفس اجل لا تموت الا عند حلوله وهو مجهول فلا بد من التهيئ فى كل زمان وذكر الموت كل حين وآن وقصر الامل واصلاح العمل ودفع الكسل.
وعن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه انه اشترى اسامة ابن زيد من زيد بن ثابت وليدة بمائة دينار الى شهر فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
"ألا تعجبون من اسامة المشترى الى شهر ان اسامة لطويل الامل والذى نفسى بيده ما طرفت عيناى الا ظننت ان شفتى لا يلتقيان حتى يقبض الله روحى ولا رفعت طرفى فظننت انى واضعه حتى اقبض ولا لقمت لقمة الا ظننت انى لا اسيغها حتى اغص بها من الموت ثم قال يا بنى آدم ان كنتم تعقلون فعدوا انفسكم من الموتى والذى نفسى بيده انما توعدون لآت وما انتم بمعجزين" اى لا تقدرون على اعجاز الله عن اتيان ما توعدون به من الموت والحشر والحساب وغيرها من احوال القيامة واهوالها