التفاسير

< >
عرض

وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ
٩٩
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ واعبد ربك } دم على ما انت عليه من عبادته تعالى { حتى يأتيك اليقين } اى الموت فانه متيقن اللحوق بكل حى مخلوق ويزول بنزوله كل شك واسناد الاتيان اليه للايذان بانه متوجه الى الحى طالب للوصول اليه. والمعنى دم على العبادة ما دمت حيا من غير اخلال بها لحظة كقوله { { واوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا } ووقت العبادة بالموت لئلا يتوهم ان لها نهاية دون الموت فاذا مات انقطع عنه عمله وبقى ثوابه وهذا بالنسبة الى مرتبة الشريعة. واما الحقيقة فباقية فى كل موطن اذهى حال القلب والقلب من الملكوت ولا يعرض الفناء والانقطاع لاحوال الملكوت نسأل الله الوصول اليه والاعتماد فى كل شيء عليه وفى الحديث "ما اوحى لى ان اجمع المال واكن من التاجرين ولكن اوحى الىّ ان سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"
وفى التأويلات النجمية { { ولقد نعلم انك يضيق صدرك } من ضيق البشرية وغاية الشفقة وكمال الغيرة { { بما يقولون } من اقوال الاخيار ويعملون عمل الاشرار { { فسبح بحمد ربك } انك لست منهم { { وكن من الساجدين } لله سجدة الشكر { واعبد ربك } بالاخلاص { حتى يأتيك اليقين } اى الى الابد وذلك ان حقيقة اليقين المعرفة ولا نهاية لمقامات المعرفة فكما ان الواصل الى مقام من مقامات المعرفة يأتيه يقين بذلك المقام فى المعرفة كذلك يأتيه شك بمعرفة مقام آخر فى المعرفة فيحتاج الى يقين آخر فى ازالة هذا الشك الى مالا يتناهى فثبت ان اليقين ههنا اشارة الى الابد انتهى كلامه.
قال فى العوارف منازل طريق الوصول لا تقطع ابد الآباد فى عمر الآخرة الابدى فكيف فى العمر القصير الدنيوى

اى برادر بى نهايت دركهيست هر كجاكه ميرسى بالله مائست

قيل اليقين اسم ورسم وعلم وعين وحق فالاسم والرسم للعوام والعلم علم اليقين للاولياء وعين اليقين لخواص الاولياء وحق اليقين للانبياء وحقيقة.
حق اليقين اختص بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
تمت سورة الحجر فى الثالث عشر من شهر ربيع الاول فى سنة اربع ومائة والف.
تم الجلد الرابع بتوفيق الله تعالى من تفسير القرآن المسمى "روح البيان" ويليه الجلد الخامس ان شاء الله اوله تفسير سورة النحل.