التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٥٤
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٥٥
-النحل

روح البيان في تفسير القرآن

{ ثم اذا كشف الضر عنكم اذا } [ناكاه] { فريق منكم } وهم كفاركم { بربهم يشركون }{ ليكفروا } بعبادة غيره { بما آيتناهم } من نعمة الكشف عنهم كأنهم جعلوا غرضهم فى الشرك كفران النعمة ففى اللام استعارة تبعية وقوله ليكفروا من الكفران وقيل اللام لام العاقبة { فتمتعوا } بقية آجالكم اى فعيشوا وانتفعوا بمتاع الحياة الدنيا اياما قليلة وهو امر تهديد { فسوف تعلمون } عاقبة امركم وما ينزل بكم من العذاب.
وفى الآيات اشارات. منها ان اكثر الخلق اتخذوا مع الله الها آخر وهو الهوى وهو ما يميل اليه الطبع وتهواه النفس بمجرد الاشتهاء من غير سند مقبول ودليل معقول قال تعالى
{ أفرأيت من اتخذ الهه هواه } فلهذا قال { الهين } وما قال آلهة لانه ما عبد الها آخر الا بالهوى ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "ما عبد اله ابغض على الله من الهوى" فقال { انما هو اله واحد } اى الذى خلق الهوى وسائر الآلة { فاياى فارهبون } فانى انا الذى يستحق ان يرغب اليه ويرهب منه لا الهوى والالهة فانهم لا يقدرون على نفع ولا ضر. وعن بعضهم قال انكسرت بنا السفينة وبقيت انا وامرأتى على لوح وقد ولدت فى تلك الحالة صبية فصاحت بى وقالت يقتلنى العطش فقلت هوذا يرى حالنا فرفعت راسى فاذا رجل فى الهواء جالس وفى يده سلسلة من ذهب فيها كوز من يقاوت احمر فقال هاك اشربا فاخذت الكوز وشربنا منه فاذا هو اطيب رائحة من المسك وابرد من الثلج واحلى من العسل فقلت من انت يرحمك الله فقال عبد لمولاك فقلت بم وصلت الى هذا قال تركت الهوى لمرضاته فاجلسنى على الهوى ثم غاب عنى فلم اره رضى الله عنه.
ومن الاشارات ان كاشف الضر هو الله تعالى فمن اراد كشفه عن الاسباب لا عن المسبب فقد اشرك ألا ترى ان وكيل السلطان اذا قضى لك حاجة فانت وان كنت شاكرا فعله ولكن انما تدعو فى الحقيقة للسلطان حيث قلد العمل لمثل هذا فحاجتك انما قضيت فى الحقيقة من قبل السلطان من حيث ان فعل هذا خلف حجاب الاسباب لا بالاسباب فافهم. ومنها ان الكفران سبب لزوال النعمة: وفى المثنوى

باشد آن كفران نعمت درمثال كه كنى با محسن خود توجدال
كه نمى آيد مرا اين نيكوئى من برنجم زين جه رنجه ميشوى
لطف كن اين نيكو ئى رادور كن من نخواهم عاقبت رنجور كن

نسأل الله العصمة من الكفار وعذابه.