التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٩٣
-النحل

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولو شاء الله } مشيئة قسر والجاء { لجعلكم امة واحدة } متفقة على الاسلام { ولكن } لا يشاء ذلك لكونه مزاحما لقضبة الحكمة بل { يضل من يشاء } اضلاله اى يخلق فيه الضلال حسبما يصرف اختياره الجزئي اليه { ويهدى من يشاء } هدايته حسبما يصرف اختياره الى تحصيلها فالاضلال والهداية مبنيا على الاختبار. وفيه سر عظيم لا يعرفه الا الاخيار { و } بالله { لتسألن } جميعا يوم القيامة سؤال تبكيت ومجازاة لا سؤال تفهم { عما كنتم تعملون } فى الدنيا من الوفاء والنقض ونحوهما فتجزون به. واعلم ان العهود مواطنها لكثيرة ومن العهود الحقة ما يجرى بين المريدين الصادقين والشيوخ الكاملين من البيعة وهى لازمة حتى يلقوا الله تعالى
وفى الآية اشارة الى المريد الذى تعلق بذيل ارادة صاحب ولاية من المشايخ وعاهده على صدق الطلب والثبات عليه عند مقاساة شدائد المجاهدات والتصبر على مخالفات النفس والهوى وملازمات الصحبة والانقياد للخدمة والتحمل على الاخوان وحفظ الادب معهم ففى اثناء تحمل هذه المشاق تسأم نفسه وتضعف عن حمل هذه الاثقال فينقض عهده ويفسخ عزمه ويرجع قهقرى ثم يتخذ ما كان اسباب طلب الله من الارادة والمجاهدة ولبس الخرقة وملازمة الصحبة والخدمة والفتوحات التى فتح الله له فى اثناء الطلب والسير آلات طلب الدنيا وادوات تحصيل شهوات نفسه بالتصنع والمرآة والسمعة ابتلاء من الله اظهار للعزة اذا عظمت النفس وشهواتها فى نظر النفس واعرضت عن الله فى طلبها فمثل هذا حسبه جهنم البعد والقطعية.
قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره هنا رجل ابن ابن المولى جلال يقال له ديوانه جلى يأكل ويشرب وشتغل بالشهوات ويزعم ان له نظرا الى الحقيقة من المظاهر حفظنا الله تعالى من الالحاد ففى حالة الاحتضار استغفر وقال يا حسرتا لم أعرف الطريق ويرجى ان يعفى لسبق ندامته وكان له كشوف سفلية وقطع بخطوة واحدة سبعين خطوة واكثر ولكن الكشوف السفلية مثلها مما كان فى مرتبة الطبيعة غير مقبولة بل هى من الشيطان وعوام الناس يعدون اصحاب امثال هذه الكشوف الشيطانية الاقطاب بل الغوث الاعظم لكونهم على الجهل الجمادى لا يميزون بين الخير والشر ولصعوبة هذا الامر قال المولى الجامى قدس سره فى بعض رباعياته

در مسجد وخانقه بسى كرديدم بس شيخ ومريدرا كه بابوسيدم
نه يكساعت از هستى خود رستم نه آنكه زخويش رسته باشد ديدم

اللهم اعصمنا من الدعوى واجعلنا من اهل التقوى.