التفاسير

< >
عرض

وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٠
-الإسراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان الذين لا يؤمنون بالآخرة } واحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء { اعتدنا لهم }[آماده كرديم براى ايشان] اى فيما كفروا به وانكروا وجوده من الآخرة { عذابا اليما } وهو عذاب جهنم والجملة معطوفة على جملة يبشر باضمار يخبر ويجوز ان يكون معطوفا على ان لهم اجرا كبيرا فالمعنى انه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب اعدائهم فان المرء يستبشر ببلية عدوه

يا وصال يار يا مرك عدو بازئ جرخ زين دو يك كارى كند

واعلم ان القرآن مظهر الاسم الهادى وهو كتاب الله الصامت والنبى عليه السلام كتاب الله الناطق وكذا ورثته الكمل بعده وان الدلالة والارشاد انما تنفع المؤمنين العاملين بما فيه وهو لم يترك شيئا من امور الدين والدنيا الا وتكفل ببيانه اما اجمالا او تفصيلا.
قال ابن مسعود رضى الله عنه اذا اردتم العلم فآثروا القرآن فان فيه علم الاولين والآخرين - روى - انه تفكر بعض العارفين فى انه هل فى القرآن شئ يقوى قوله عليه السلام
"يخرج روح المؤمن من جسده كما يخرج الشعر من العجين" فختم القرآن بالتدبر فما وجده فرأى النبى صلى الله عليه وسلم فى منامه وقال يا رسول الله قال الله "ولا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين" فما وجدت معنى هذا الحديث فى كتاب الله تعالى فقال عليه السلام "اطلبه فى سورة يوسف" فلما انتبه من نومه قرأها فوجده وهو قوله { فلما رأينه اكبرنه وقطعن ايديهن } اى لما رأين جمال يوسف عليه السلام اشتغلن به وما وجدن ألم القطع وكذلك المؤمن اذا رأى ملائكة الرحمة ورأى انعامه فى الجنة وما فيها من النعيم والحور والقصور اشتغل قلبه بها ولا يجد ألم الموت وانفهم من الحكاية ان القرائ ينبغى ان يقرأ القرآن بتدبر تام حتى يصل الى كل مرام وقد نهى النبى عليه السلام ان يختم القرآن فى اقل من ثلاث وقال "لم يفقه" اى لم يكن فقيها فى الدين "من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث" يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر ويتدبر فى معنى القرآن فى ليلة او ليلتين لانه يقرأ على العجلة حينئذ بل ينبغى ان يقرأ القرآن فى ثلاث ليال او اكثر حتى يقرأ عن طيب نفس ونشاطها ويتفرغ لتدبر معناه ولذا اختار بعضهم الختم فى كل جمعة وبعضهم فى كل شهر وبعضهم فى كل سنة بحسب درجات التدبر والتفتيش ويغتنم الحضور للدعاء عند ختم القرآن فانه يستجاب وفى الحديث "من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل الله" ففى الافتتاح عند الاختتام احراز لهاتين الفضيلتين واذلالال للشيطان.
قال فى شرح الجزرى ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالامور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة امورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاونهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين ومما يقول النبى عليه السلام عند ختم القرآن
"اللهم ارحمنى بالقرآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقنى تلاوته آناء الليل واطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين" وكان ابو القاسم الشاطىرحمه الله يدعو بهذا الدعاء عند ختم القرآن (اللهم انا عبيدك وابناء عبيدك وابناء امائك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك او علمته احدا من خلقك او انزلته فى شئ من كتابك او استأثرت به فى علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء احزاننا وهمومنا وسائقنا وقائدنا اليك والى جناتك جنات النعيم ودارك دار السلام مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا ارحم الراحمين)
قال فى القنية لا بأس باجتماعهم على قراءة الاخلاص جهرا عند ختم القرآن ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو اولى انتهى.
وجه الاولوية ان الغرض الاهم من القراءة انما هو تصحيح مبانيها لظهور معانيها ليعمل بما فيها وفى القراءة بصوت واحد يتشوش الخواطر مع ان بعض القارئين بالجمعية يأتى ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويقع حذف الحرف والزيادة وتحريك الساكن وتسكين المحرك ومد القصر وقصر المد مراعاة للاصوات فيأثمون

عشقت رسد بفرياد كرخود بسان حافظ قرآن زبر بخوانى در جار ده روايت

نسأل الله تعالى ان يوصلنا الى حقائق القرآن واسراره ويطعلنا على الحكم والمصالح فى قصصه واخباره ويجعلنا من اهل التحقيق انه ولى التوفيق.