التفاسير

< >
عرض

وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً
٥٣
-الإسراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقل } يا محمد { لعبادى } اى المؤمنين { يقولوا } اى للمشركين عند محاورتهم معهم بنى على حذف النون لما كان بمعنى الامر كما بنى الاسم المتمكن فى النداء فى قولك يا زيد على الضمة لما اشبه قبل وبعد { التى } اى الكلمة التى { هى احسن } ولا يخاشنوهم كقوله تعالى { ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتى هى احسن
} قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان اختصاص بعض العباد بتشريف الاضافة الى نفسه يؤدى الى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الاحسن والفعل الاحسن والخلق الاحسن. اما القول الاحسن فهو الدعاء الى الله بلا اله الا الله مخلصا. واما الفعل الاحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجها الى عالم الحقيقة. واما الخلق الاحسن فهو مع الله بان يسلم وجهه لله محسنا فى طلبه ومع الخلق بان يحسن اليهم بلا طمع فى الاحسان والشكر منهم ويتجاوز عن اساءتهم اليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة { ان الشيطان ينزغ بينهم } يقال نزغ بينهم افسد واغرى ووسوس اى يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تقضى الى العناد وازدياد الفساد.
وفى التأويلات { ان الشيطان ينزغ بينهم } اذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغى لعقلاء كل زمان ان يكونوا فى باب النصيحة مثل الاصحاب رضى الله عنهم بحيث ان حالهم ومعاملتهم مع اهالى زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم { ان الشيطان كان } قدما { للانسان عدوا مبينا } ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم اصلا بل يريد هلاكهم وقد ابان عداوته لهم اذا خرج اباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور.