التفاسير

< >
عرض

سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً
٧٧
-الإسراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا } السنة العادة ونصبها على المصدرية اى سن الله سنة وهى ان يهلك كل امة اخرجت رسولهم من بين اظهرهم فالسنة لله تعالى واضافتها الى الرسل لانها سنت لاجلهم على ما ينطق به قوله تعالى { ولا تجد لسنتنا } اى لعادتنا باهلاك مخرجى الرسل من بينهم { تحويلا } اى تغييرا وفيه اشارة الى ان من سنة الله تعالى على قانون الحكمة القديمة البالغة فى تربية الانبياء والمرسلين ان يجعل لهم اعداء يبتليهم بهم فى اخلاص ابريز جواهرهم الروحانية الربانية عن غش اوصافهم النفسانية الحيوانية وهذا الابتلاء لا يتبدل لانه مبنى على الحكمة والمصلحة والارادة القديمة وما هو مبنى عليها لا يتغير.
قال بعض الكبار اهرب من خير الناس اكثر مما تهرب من شرهم فان خيرهم يصيبك فى قلبك وشرهم يصيبك فى بدنك ولان تصاب فى بدنك خير من ان تصاب فى قلبك ولعدو ترجع به الى مولاك خير من حبيب يشغلك عن مولاك وكل بلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق الى حقيقة التوحيد ويقطع اسباب العلاقات فهو لذة فى صورة الم: قال الحافظ

بدرد وصاف تراحكم نيست دم دركش كه هرجه ساقئ ما كرد عين الطافست

واعلم ان النبى عليه السلام لم يتحرك لا فى ظاهره ولا فى باطنه الا بتحريك الله تعالى فالقاء اهل الفتنة لا يؤثر فى باطنه المنور بفكر ما وميل لكن الله تعالى اشار الى لزوم التحفظ والاحتياط فى جميع الامور فان للانسان اعداء ظاهرة وباطنة والصابر لا يرى الا خيرا وهو زوال الابتلاء وهلاك الاعداء كما قال تعالى { واذاً لا يلبثون خلافك الا قليلا } وفى الحديث القدسى "من اهان لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة" اى من اغضب وآذى واحدا من اوليائى وهم المتقون حقيقة التقوى فقد بارزنى بالمحاربة لان الولى ينصر الله فيكون الله ناصره فمن عادى من كان الله ناصره فقد برز لمحاربة الله وظهر.