التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً
٨٩
-الإسراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد صرفنا } اى بالله قد رددنا وكررنا بوجوه مختلفة توجب زيادة تقرير وبيان ووكادة رسوخ واطمئنان { للناس فى هذا القرآن } المنعوت بالنعوت الفاضلة { من كل مثل } من كل معنى بديع هو كالمثل فى الغرابة والحسن واستجلاب النفس ليتلقوه بالقبول { فابى اكثر الناس الا كفورا } جحودا وانكارا للحق وانما جاز الاستثناء من الموجب مع انه لا يصح ضربت الا زيد لانه متأول بالنفى مثل لم يرد ولم يرض وما قبل وما اختار.
وفى الآية فوائد. منها ان القرآن العظيم اجل النعم واعظمها فوجب على كل عالم وحافظ ان يقوم بشكره ويحافظ على اداء حقوقه قبل ان يخرج الامر من يده. وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان اول ما تفقدون من دينكم الامانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وان هذا القرآن تصبحون يوما وما فيكم منه شئ فقال رجل كيف ذلك وقد اثبتناه فى قلوبنا واثبتناه فى مصحافنا نعلم ابناءنا ويعلم ابناؤنا ابناءهم فقال يسرى عليه ليلا فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما فى القلوب.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوى حول العرش كدوى النحل فيقول الرب تعالى مالك فيقول يا رب اتلى ولا يعمل بى اتلى ولا يعمل بى وفى الحديث
"ثلاثة هم الغرباء فى الدنيا القرآن فى جوف الظالم والرجل الصالح فى قوم سوء والمصحف فى بيت لا يقرأ منه" قال الشيخ سعدى

علم جندانكه بيشتر خوانى جون عمل نيست نادانى
نه محقق بود نه دانشمند جار بايى برو كتاب جند
آن تهى مغزرا جه علم وخبر كه برو هيزمست ويا دفتر

وقال

عالم اندرميان جاهل را مثلى كفته اند صديقان
شاهدى درميان كورانست مصحفى درسيان زنديقان

ومنها انه ليس فى استعداد الانسان ولا فى مخلوق غيره ان يأتى بكلام جامع مثل كلام الله تعالى له عبارة فى غاية الجزالة والفصاحة واشارة فىغاية الدقة والحذاقة ولطائف فى غاية اللطف والنظافة وحقائق فى غاية الحقية والنزاهة.
قال جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنهما عبارة القرآن للعوام والاشارة للخواص واللطائف للاولياء والحقائق للانبياء: وفى المثنوى

خوش بيان كرد آن حكيم غزنوى بهر محجوبان مثال معنوى
كه زقرآن كرنه بيند غير قال اين عجب نبود ز اصحاب ضلال
كز شعاع آفتاب بر زنور غير كرمى مى نيابد جشم كور
تو زقرآن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم را نبيند جز كه طين
ظاهر قرآن جو شخص آدميست كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست

اعلم ان القرآن غير مخلوق لانه صفة الله تعالى وصفاته باسرها ازلية غير مخلوقة.
قال ابو حنيفةرحمه الله فمن قال انها مخلوقة او وقف فيها او شك فيها فهو كافر بالله وما ذكر من الوجوه الدالة على حدوث اللفظ فهو غير المتنازع فيه عند الاشعرية والمنصورية ايضا كمن قال بان كلامه تعالى حرف وصوت يقومان بذاته ومع ذلك قديم واعجب من هذا قولهم الجلد والعلاقة قديمان ايضا.
وفى الفتوحات المكية قدس الله سر مصدرها ان المفهوم من كون القرآن حروفا امران الامر الواحد يسمى قولا وكلاما ولفظا والامر الآخر يسمى كتابة ورقما وخطا والقرآن يخط فله حروف الرقم وينطق به فله حروف اللفظ فهل يرجع كونه حروفا منطوقا بها لكلام الله الذى هو صفته او للمترجم عنه.
فاعلم انه قد اخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم انه سبحانه يتجلى فى يوم القيامة بصورة مختلفة فيعرف وينكر فمن كان حقيقته تقبل التجلى لا يبعد ان يكون الكلام بالحروف المتلفظ بها المسماة كلاما لبعض تلك الصور كما يليق بجلاله وكما تقول تجلى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك تقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وقال رضى الله عنه بعد كلام طويل فاذا تحققت ما قررناه يثبت ان كلام الله هو هذا المتلو المسموع المتلفظ به المسمى قرآنا وتوراة وزبور وانجيلا انتهى.
قال بعضهم كلام الله عين المتكلم فى رتبة ومعنى قائم به فى اخرى كالكلام النفسى وانه مركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحسن يحسبهما.
ومنها ان اكثر الناس لا يعرفون قدر النعم الالهية ولا يتنبهون للتنبيهات الربانية فواحد من الالف للجنة وبعث الباقى الى النار وهم الجهلاء الذين اعرضوا عن الحق وتعلمه: وفى المثنوى

بند كفتن باجهول خوابناك تخم افكندن بوددرشوره خاك
جاك حمق وجهل نبذيرد رفو تخم حكمت كم دهش اى بندكو