التفاسير

< >
عرض

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً
٩٣
-الإسراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ او يكون لك بيت من زخرف } من ذهب واصله الزينة.
قال الكاشفى [خانه از زركه درانجا بنشينى واز درويشى بازرهى] { او ترقى } تصعد { فى السماء } فى معارجها فحذف المضاف يقال رقى فى السلم وفى الدرجة كرضى رقيا اى صعد وعلا صعودا وعلوا { ولن نؤمن لرقيك } اى لاجل رقيك فيها وحده اى صعودك فاللام للتعليل او لن نصدق رقيك فيها فاللام صلة { حتى تنزل } منها { علينا كتابا } فيه تصديقك { نقرؤه } نحن من غير ان يتلقى من قبلك وكانوا يقصدون بمثل هذه الاقتراحات اللج والعناد ولو كان مرادهم الاسترشاد لكفاهم ما شاهدوا من المعجزات { قل } تعجبا من شدة شكيمتهم واقتراحهم وتنزيها لساحة السبحان { سبحان ربى } [باكست بروردكار من از آنكه بروى تحكم كند كسى يا شريك او شود در قدرت] { هل كنت } [آيا هستم من }{ الا بشرا } لا ملكا حتى يتصور منى الترقى فى السماء ونحوه { رسولا } مأمورا من قبل ربى بتبليغ الرسالة من غير ان يكون لى خبرة فى الامر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم الا بما يظهره الله على ايديهم حسبما يلائم حال قومهم ولم تكن الآيات اليهم ولا لهم ين يتحكموا على الله بشئ منها وقوله بشرا خبر كنت ورسولا صفته وفيه اشارة الى انهم ارباب الحس الحيوانى يطلبون الاعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النوبة واعجاز عالم المعانى بالولاية الروحانية والقوة الربانية فيطلبون فيه تزكية النفوس وتصفية القلوب وتحلية الارواح وتفجير ينابيع الحكمة من ارض القلوب لينبت منها تخيل المشاهدات واعناب المكاشفات فى جنات المواصلات.
فعلى السالك الصادق ان يطلب الوصول الى عالم المعنى فانه هو المطلب الاعلى ولن يصل اليه الا بقدمى العلم والعمل والرجوع الى حالة التراب بالواضع قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا فى الارض فقال عيسى كذلك الحكمة لا تنبت الا فى قلب مثل الارض يشير الى التواضع ورفع الكبر والى هذا الاشارة بقول سيد البشر صلى الله عليه وسلم
"ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" والينابيع لا تكون الا فى الارض وهو موضع نبع الماء وهذا المقام انما يحصل بترك الرياسة وهو بمعرفة النفس وعبوديتها فلا يجتمع العبودية والرياسة ابدا فان واحد لا يصير سلطان ورعية معا والى هذا يشير المولى الجامى بقوله

بالباس فقر بايد خلعت شاهى درست زشت باشد جامه نيمى اطلس ونيمى بلاس

فانظر فى هذه الآيات الى سوء ادب المشركين بالاقتراحات المنقولة عنهم والى كمال الادب المحمدى والفناء الاحمدى وترك الاعتراض - حكى - ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك فقد كسرت اناءك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر يعنى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء فالطالب لا يصل الى مقصوده الا بعد افناء وجوده

خمير مائه هرنيك وبدتويى جامى خلاص ازهمه مى بايدت زخود بكريز

فالعاقل يسعى فى افناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد فى تطهير القلب من الادناس ولا يأنس بشئ سوى ذكر رب الناس.
وقال الامام الغزالىرحمه الله لا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اعنى طهارته عن ادناس الدنيا وانسه بذكر الله تعالى وحبه لله وصفاء القلب وطهارته لا يكون الا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة الا بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هى المنجيات.