التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً
١١٠
-الكهف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل انم اناا بشر مثلكم } قل يا محمد ما انا الا آدمى مثلكم فى الصورة ومساويكم فى بعض الصفات البشرية { يوحى الى } من ربى { انما الهكم اله واحد } ما هو الا متفرد فى الالوهية لا نظير له فى ذاته ولا شريك له فى صفاته يعنى انا معترف ببشريتى ولكن الله منّ علىّ من بينكم بالنبوة والرسالة.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بنى آدم فى البشرية واستعداد الانسانية سواء النبى والولى والمؤمن والكافر والفرق بينهم بفضيلة الايمان والولاية والنبوة والوحى والمعرفة بان اله العالمين اله واحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد انتهى كما قال الشيخ سعدى

ره راست بايد نه بالاى راست كه كافرهم ازروى صورت جوماست

{ فمن كان يرجو } شرط جزاؤه فليعمل. والمعنى بالفارسية [بس هركه اميد ميدارد] { لقاء ربه }.
قال فى الارشاد كان للاستمرار ولرجاء توقع وصول الخبر فى المستقبل والمرد بلقائه كرامته اى فمن استمره على رجاء كرامته تعالى.
وقال الامام اصحابنا حملوا لقاء الرب على رؤيته والمعتزلة على لقاء ثوابه يقال لقيه كرضيه رآء كما فى القاموس { فليعمل } لتحصل ذلك المطلوب العزيز { عملا صالحا }[كارى شايسته يعنى بسنديده خدى].
قال الانطاكى من خلف المقام بين ايديى الله فليعمل عمل يصلح للعرض عليه والرجاء يكون بمعنى الخوف والامل كما فى البغوى.
وقال ذو النون العمل الصالح هو الخالص من الرياء. وقال ابو عبد الله القرشى العمل الصالح الذى ليس للنفس اليه التفات ولا به طلب ثواب وجزاء.
وقال فى التأويلات النجمية العمل الصالح متابعة النبى عليه السلام والتأسى بسنته ظاهرا وباطنه فاما سنة باطنه فالتبتل الى الله وقطع النظر عما سواه [يعنى ديده همت ازماسوى بربستن وجز بشهود حضرت مولى ناكشودن] كما قال الله تعالى
{ ما زاغ البصر وما طغى } }

روى ازهمه برتافتم وسوى توكردم جشم ازهمه بربستم وديدار توديدم

{ ولا يشرك بعبادة ربه احدا }[شريط نيارد وانباز نسازد بيستش بروردكار خود يكى را].
قال ابو البقاء اى فى عبادة ربه ويجوز ان يكون على بابه اى بسبب عبادة ربه انتهى.
وفى الارشاد اشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا اشراكا خفيا كما يفعله اهل الرياء ومن يطلب به اجرا انتهى.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم يقل ولا شرك به لانه اراد العمل الذى يعمله ويحب ان يحمد عليه.
وعن الحسن هذا فيمن اشرك بعمل يريد الله به والناس على ما روى ان جندب بن زهير رضى الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انى لاعمل العمل لله فاذا اطلع عليه احد سترنى فقال
"ان الله لا يقبل ما شورك فيه" فنزلت تصديقا له عليه السلام وروى انه قال له "لك اجران اجر السر واجر العلانية" وهذا على حسب النية فاذا سره ظهوره ليقتدى به كما هو شأن الكاملين المخلصين المعرضين عما سوى الله او تنتفى عنه التهمة اذ كان ذلك من الواجبات فله اجران فاما اذا اراد به مجرد مدح الناس وانتشار الصيت والذكر فهو محض الرياء والشرك فيخفى المقتدى احترازا عن افساد العمل.
وعن عبد الله بن غالب انه كان اذا اصبح يقول رزقنى الله البارحة خيرا قرأت كذا وصليت كذا فاذا قيل له يا ابا فراس أمثلك يقول مثل هذا يقول قال الله تعالى
{ واما بنعمة ربك فحدث } وانتم تقولون لا تحدث بنعمة الله وانما يجوز مثله اذا قصد به اللطف وان يقتدى به غيره وامن على نفسه الفتنة والستر اولى ولو لم يكن فيه الا التشبه باهل الرياء والسمعة لكفى كذا فى الكشاف فى سورة الضحى. والآية جامعة لخلاصتى العلم والعمل وهما التوحيد والاخلاص فى العمل: قال الشيخ سعدى قدس سره

عبادت باخلاص نيت نكوست وكرنه جه آيد زبى مغز بوست
جه زنار مع درميانت جه دلق كه دربوشى ازبهر بندار خلق
بروى ريا خرقه سهلست دوخت كرش باخدا درتوانى فروخت

قال فى بحر العلوم ان قلت ما معنى الرياء قلت العمل لغير الله بدليل قوله عليه السلام "ان اخوف ما اخاف على امتى الاشراك بالله اما انى لا اقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا شجرا ولا وثنا ولكن اعمالا لغير الله تعالى"
قال فى الاشباه ولا يدخل الرياء فى الصوم انتهى هذا اذا لم يجوّع نفسه اظهارا لاثره فى وجه او لم يقل ولم يعرض به كما لا يخفى على ما روى عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من صلى صلاة يرائى بها فقد اشرك ومن صام صوما يرائى به فقد اشرك وقرأ { فمن كان يرجو لقاء ربه }" الآية كما فى الحدادى وقس عليه التصدق والحج وسائر وجوه البر

مرايى هركسى معبود سازد مرايى را ازان كفتند مشرك

وفى الحديث "انما حرم الله الجنة على كل مرائى" ليس البر فى حسن اللباس والزى ولكن البر المسكنة والوقار

كراجامه باكست وسيرت بليد در دوزخش را نبايد كليد
بنزديك من شب رو راهزن به ازفاسق بارسا بيرهن

وفى الحديث "اذا جمع الله الاولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان اشرك فى عمل عمله لله احدا فليطلب ثواب عمله من عند غير الله فان الله اغنى الشركاء عن الشرك"

زعمرو اى بسرجشم اجرت مدار جو درخانه زيد باشى بكار

وفى الحديث "ان فى جهنم واديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادى فى كل يوم مائة مرة اعد ذلك للمرائين" وفى الحديث "اتقوا الشرك الاصغر قيل وما الشرك الاصغر قال الريا" وفى الحديث "ان اخوف ما اخاف على امتى الشرك الخفى فاياكم وشرك السرائر فان الشرك اخفى من دبيب النمل على الصفا فى الليلة الظلماء فشق على الناس فقال عليه السلام أفلا ادلكم على ما يذهب صغير الشرك وكبيره قولوا اللهم انى اعوذ بك من ان اشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم" كذا فى عين المعنى - حكى - ان بعض الخلفاء اراد ان يتطهر فعدا غلمانه ليصبوا عليه الماء فصدهم عن ذلك وتلا هذه الآية واظنه المرتضى على ابن ابى طالب رضى الله عنه كذا فى الاسئلة المقحمة لابى القاسم الفزارى.
يقول الفقير كان المرتضى رضى الله عنه عمم الاشراك الى الرياء والاستعانة فى الوضوء ونحوه نظرا الى ظاهر النظم وذلك زيادة فى التقوى ونظيره ان الشافعى اوجب الوضوء من لمس المرأة باليد ونحوها نظرا الى اطلاق قوله تعالى
{ او لامستم النساء } وهو عمل بالعزيمة كما لا يخفى.
وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال قال عليه السلام
"من حفظ عشرا آيات من اول سورة الكهف عصم من الدجال" رواه مسلم قال ابن ملك اللام فيه للعهد ويجوز ان تكون للجنس لان الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس وقد جاء فى الحديث "يكون فى آخر الزمان دجالون" فاهل الاهواء والبدع دجاجلة زمانهم والسر فى العصمة منه ان هذه الآيات العشر مشتملة على قصة اصحاب الكهف وهم لما التجأوا الى الله تعالى من شر دقيانوس الكافر انجاهم الله منه فالمرجو منه تعالى ان يحفظ قارئها من الدجال ويثبته على الدين القويم. وفى رواية للنسائى "من قرأ العشر الاواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال"
وعن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال عليه السلام "من قرأ الكهف كما انزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه" رواه الحاكم.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال عليه السلام
"من قرأ سورة الكهف فى يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدميه الى عنان السماء يضيئ له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين"
وعن ابى سعيد "قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة اضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق" رواه الدارمى فى مسنده موقوفا على ابى سعيد كذا فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى.
وفى تفسير التبيان روى عبد الله بن فردة رضى الله عنه قال قال عليه السلام
"ألا ادلكم على سورة شيعها سبعون الف ملك حين نزلت ملأ عظمها ما بين السماء والارض لتاليها مثل ذلك قالوا بلى يا رسول الله قال سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر له الى يوم الجمعة الاخرى وزيادة ثلاثة ايام واعطى نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال"
وفى تفسير الحدادى عن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام "من قرأ سورة الكهف فهو معصوم على ثمانية ايام من كل فتنة تكون فيها من قرأ الآية التى فى آخرها حين يأخذ مضجعه كان له نورا يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه وان كان مضجعه بمكة فتلاها كان له نورا يتلألأ من مضجعه الى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه ويستغفرون له حتى يستيقظ" .
وفى تفسير البيضاوى عن النبى عليه السلام"من قرأ عند مضجعه قل انما انا بشر مثلكم كان له نور فى مضجعه يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ".
وفى فتح القريب من قرأ عند ارادة النوم
{ ان الذين آمنوا وعلموا الصالحات } الخ ثم قال اللهم ايقظنى فى احب الاوقات اليك واستعملنى باحب الاعمال اليك فانه سبحانه يوقظه ويكتبه من قوام الليل.
وقال ابن عباس رضى الله عنهما اذا اردت ان تقوم ايه ساعة شئت من الليل فاقرأ اذا اخذت مضجعك { قل لو كان البحر مدادا } الآية فان الله يوقظك متى شئت من الليل. وتكلموا فى القراءة فى الفراش مضطجعا.
قال فى الفتاوى الحمدية لا بأس للمضطجع بقراءة القرآن انتهى. والاولى ان لا يقرأ وهو اقرب الى التعظيم كما فى شرح الشرعة ليحيى الفقيه.
وعن ظهير الدين المرغنانى لا بأس للمضطجع بالقراءة مضطجعا اذا اخرج رأسه من اللحاف لانه يكون كاللبس والا فلا نقله قاضى خان.
وفى المحيط لا بأس بالقراءة اذا وضع جنبيه على الارض لكن يضم رجليه الى نفسه انتهى.
نسأل الله تعالى ان يوقظنا من الغفلة قبل انقضاء الاعمار ويؤنسنا بالقرآن آناء الليل واطراف النهار تمت سورة الكهف والحمد لله تعالى يوم الاثنين الثالث والعشرين.
من شهر رمضان من سنة خمس ومائة والف.