التفاسير

< >
عرض

وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
٢٧
-الكهف

روح البيان في تفسير القرآن

{ واتل ما اوحى اليك من كتاب ربك } اى القرآن للتقرب الى الله تعالى بتلاوته والعمل بموجبه والاطلاع على اسراره ولا تسمع لقولهم ائت بقرآن غير هذا او بدله والفرق بين التلاوة والقراءة ان التلاوة قراءة القرآن متابعة كالدراسة والاوراد الموظفة والقراءة اعم لانها جمع الحروف باللفظ لا اتباعها { لا مبدل لكلماته } لا قادر على تبديله وتغييره غيره تعالى كقوله { وإذا ابدلنا آية مكان آية } فهو عام مخصوص فافهم { ولن تجد } ابد الدهر وان بالغت فى الطلب { من دونه } تعالى { ملتحدا } ملتجأ تعدل اليه عند نزول بلية.
وقال الشيخ فى تفسيره ولن تجد من دون عذابه ملتجأ تلجأ اليه ان هممت بذلك التبديل فرضا انتهى.
واعلم ان القرآن لا يتبدل ابدا ولا يتغير بالزيادة والنقصان سرمدا وكذلك احكامه لانه محفوظ فى الصدور بنظمه ومعانيه وانما يتبدل اهله بتبدل الاعصار فيعود العلم والعمل الى الجهل والترك نعوذ بالله تعالى.
قال ابراهيم بن ادهمرحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى انفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه انت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم

كر همه علم عالمت باشد بى عمل ومدعى وكذابى

ومن فرق المتصوفة المبتدعة قوم يسمون بالالهامية يتركون طلب العلم والدرس ويقولون القرآن حجاب والاشعار قرآن الطريقة فيتركون القرآن ويتعلمون الاشعار فهلكوا بذلك قال الكمال الخجندى

دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت جو باطلان ز كلام حقت ملولى جيست

قال ابراهيم الخواص جلاء القلب ودواؤه خمسة قراءة القرآن بالتدبر واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى الله عند السحر ومجالسة الصالحين فمن اشتغل بشهوته وهواه عن هذه الامور الشاقة بقى على مرضه الروحانى ولم يجد لنفسه ملتحدا سوى العذاب والهلاك فانظر يا مسيئ الادب ان لا مرجع الا الى الله تعالى فكيف ترجع اليه بالاشعار التى اخترعتها انت وامثالك من اهل النفس والهوى بدل القرآن الذى ارسله الله اليك وامر بالعمل به فما جوابك يوم يجثوا المقربون على ركبهم من الهول كما قال الشيخ سعدى

دران روز كز فعل برسند وقول اولو العزم را تن بلرزد زهول
بجايى كه دهشت خورد انبيا توعذر كنه را جه دارى بيا

فالواجب ان تجثو فى هذا اليوم بين يديى عالم لتعلم القرآن وكيفية العمل به ومعرفة طريق الوصول الى حقائقه فانه نسخة الهية فيها علوم جميع الانبياء والاولياء فمن اراد دخول الدار من شيخ وشاب فليأت من طرف الباب.
وعن على رضى الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم فى الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأ وهو جالس فى الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ وهو فى غير الصلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأ على غير وضوء فعشر حسنات.
قالوا أفضل التلاوة على الوضوء والجلوس شطرا القبلة وان يكون غير متربع ولا متكئ ولا جالس جلسة متكبر ولكن نحو ما يجلس بين يدى من يهابه ويحتشم منه.
وفى الاشباه استماع القرآن اثوب من تلاوته انتهى.
فما يفعل البعض فى هذا الزمان من اخفاء آية الكرسى فى بعض الجوامع والمجامع ليس على ما ينبغى وذلك لان فى القوم من هو امى لا يحسن قراءة الآية المذكورة فاللائق ان يجهر بها المؤذن لينال المستمعون ثواب التلاوة بل ازيد وهو ظاهر على ارباب الانصاف ولا يخرج عن هذا الحد الا اصحاب الاعتساف.