التفاسير

< >
عرض

فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً
٧٤
-الكهف

روح البيان في تفسير القرآن

{ فانطلقا } الفاء فصيحة والانطلاق الذهاب اى فقبل الخضر عذر موسى عليه السلام فخرجا من السفينة فانطلقا { حتى اذا }[تاجون]{ لقيا } فى خارج قرية مرا بها { غلاما } [بسرى را زيباروى وبلند قامت خضر اورا دربس ديوارى ببرد]{ فقتله } عطف على الشرط بالفاء اى فقتله عقيب القاء واسمه جيسور بالجيم او حيسور بالحاء او حينون قاله السهيلى ومعنى قتله اشار باصابعه الثلاث الابهام والسبابة والوسطى وقلع رأسه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل اذ ابصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فاخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله" كذا فى الصحيحين برواية ابى بن كعب رضى الله عنه { قال } موسى والجملة جزآء الشرط { أقتلت نفسا زكية } طاهرة من الذنوب لانها صغيرة لم تبلغ الحنث اى الاثم والذنب وهو قول الاكثرين. قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو زاكية والباقون زكية فعيلة للمبالغة فى زكاتها وطهارتها وفرق بينهما ابو عمرو بان الزاكية هى التى لم تذنب قط والزكية التى اذنبت ثم تابت { بغير نفس } بغير قتل نفس محرمة يعنى لم تقتل نفسا فيقتص منها.
قيل الصغير لا يقاد فالظاهر من الآية كبر الغلام وفيه ان الشرائع مختلفة فلعل الصغير يقاد فى شريعته ويؤيد هذا الكلام ما نقل البيهقى فى كتاب المعرفة ان الاحكام انما صارت متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة.
وقال الشيخ تقى الدين السبكى انها انما صارت متعلقة بالبلوغ بعد احد.
وقال فى انسان العيون انما صح اسلام على رضى الله عنه مع انهم اجمعوا على انه لم يكن بلغ الحلم ومن ثم نقل عنه رضى الله عنه انه قال

سبقتكموا الى الاسلام طرا صغيرا ما بلغت اوان حلمى

اى كان عمره ثمانى سنين لان الصبيان كانوا اذ ذاك مكلفين لان القلم انما رفع عن الصبى عام خيبر.
قال فى الارشاد وتخصيص نفى هذا المبيح بالذكر من بين سائر المبيحات من الكفر بعد الايمان والزنى بعد الاحصان لانه اقرب الى الوقوع نظرا الى حال الغلام وفى الحديث
"ان الغلام الذى قتله الخضر طبع كافرا" .
فان قلت ما معنى هذا وقد قال عليه السلام "كل مولود يولد على الفطرة"
قلت المراد بالفطرة استعداده لقبول الاسلام وذلك لا ينافى كونه شقيا فى جبليته او يراد بالفطرة قولهم بلى حين قال الله { ألست بربكم
} قال النووى لما كان ابواه مؤمنين كان هو مؤمنا ايضا فيجب تأويله بان معناه والله اعلم ان ذلك الغلام لوبلغ لكان كافرا { لقد جئت } فعلت { شيئا نكرا } منكرا انكر من الاول لان ذلك كان خرقا يمكن تداركه بالسد وهذا لا سبيل الى تداركه. وقيل الامر اعظم من النكر لان قتل نفس واحدة اهون من اغراق اهل السفينة.
قال جماعة من القراء نصف القرآن عند قوله تعالى { لقد جئت شيئا نكرا }.