التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً
٧٥
-مريم

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل } للمفتخرين بالمال والمنال { من } شطرية والمعنى بالفارسية [هركه] { كان } مستقرا { فى الضلالة } [دركمر اهى ودر دورى ازراه حق] مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الامور { فليمدد له الرحمن مدا } اى يمد له ويمهله بطول العمر واعطاه المال والتمكين من التصرفات واخراجه على صيغة الامر للايذان بان ذلك مما ينبغى ان يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير او للاستدراج واعتبار الاستقرار فى الضلالة لما ان المد لا يكون الا للمصرين عليها اذ رب ضال يهديه الله والتعرض لعنوان الرحمانية لما ان المد من احكام الرحمة الدنيوية.
قال شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته { فليمدد له الرحمن مدا } اى فليستدرجه الرحمن استدراجا بمد عمره وتوسيع ماله وتكثير ولده او فليمهله الرحمن امهالا بمد راحته على الطغيان وايصال نعمته على وجه الاحسان حتى يقع فى العقاب والعذاب على سبيل التدريج لا التعجيل فيكون عقابه وعذابه اكمل واشمل اثرا والما لان الاخذ على طريق التدريج والنعمة اشد منه على طريق التعجيل والنقمة مع ان مبدأ المد مطلقا هو الرحمن دون القهار او لجبار لان كلا منهما مبدأ الشدة ولذلك عبر به لا بغيره هذا هو الخاطر ببالى فى وجه التعبير بالرحمن وان كانت اشدية عقاب الرحمن وجها لكن وجه اشدية عقابه ما ذكرنا لانه اذا اراد العقاب يأتى به على وجه الرحمة والنعمة فيكون كدرا بعد الصفا والمار بعد الراحة وشدة بعد الرخاء فهذا اقوى اثرا والحاصل لا يتصور وقوع المد المذكور الا من الرحمن لانه اصله ومنشأه انتهى كلامه روح الله روحه { حتى اذا رأوا ما يوعدون }[تاوقتى كه ببينند آنجه بيم كرده شده اند بدان] غاية للمد الممتد وجمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى من كما ان الافراد الضميرين الاولين باعتبار لفظها { اما العذاب واما الساعة } تفصيل للموعود على سبيل البدل فانه اما العذاب الدنيوى بغلبة المسلمين واستيلائهم عليهم وتعذيبهم اياهم قتلا واسرا واما يوم القيامة وما ينالهم فيه من الحزن والنكال على طريقة منع الخلو دون الجمع فان العذاب الاخروى لا ينفك عنهم بحال.
قال الامام اى لو فرض ان هذا الضال المتنعم قد مد له فى اجله أليس انه ينتهى الى عذاب فى الدنيا او فى الآخرة فسيعلم ان النعم لا تنفعه كما قال تعالى
{ فسيعلمون } جواب الشرط والجملة محكية بعد حتى فانها هى التى تحكى بعدها الجملة ولذا وقع بعد الجملة الشرطية اى حتى اذا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوى او الاخروى فقط فسيعلمون حينئذ { من هو شر مكانا } من الفريقين بان يشاهدوا الامر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما.
قال الكاشفى [بس بدانند آنرا كه بدترست از هر دو كروه ازجهت مكان جه جاى مؤمنان درجات جنان باشد ومأواى ايشان دركات نيران].

افتخار از رنك وبو واز مكانهست شادى وفريب كودكان

قال فى بحر العلوم جعلت الشرارة للمكان ليفيد اثباتها لاهله لانه اذا ثبت الامر فى مكان الرجل فقد ثبت له كما فى قولهم المجد بين ثوبيه والكرام بين برديه { واضعف جندا } اى فئة وانصارا لا احسن نديا كما كانوا يدعونه.
قال فى تفسير الجلالين وذلك انهم ان قتلوا ونصر المؤمنون عليهم علموا انهم اضعف جندا ضعفاء كلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا وانما ذكر ذلك ردا لما كانوا يزعمون ان لهم اعوانا من الاعيان وانصارا من الاخيار ويفتخرون بذلك فى الاندية والمحافل.