التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
١٠٧
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ألم تعلم } وخصه عليه السلام بالخطاب مع ان غيره داخل فى الخطاب ايضا حقيقة بناء على ان المقصود من الخطاب تقرير علم المخاطب بما ذكر ولا احد من البشر اعلم بذلك منه عليه السلام اذ قد وقف من اسرار ملكوت السموات والارض على ما لا يطلع عليه غيره وعلم غيره بالنسبة الى علمه عليه السلام ملحق بالعدم لان علم الاولياء من علم الانبياء بمنزلة قطرة من سبعة ابحر وعلم الانبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المنزلة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة { ان الله له ملك السموات والأرض } فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو كالدليل على قوله { { إن الله على كل شئ قدير } [البقرة: 109] والملك تمام القدرة واستحكامها وتخصيص السموات والارض بالذكر وان كان الله تعالى له ملك الدنيا والآخرة جميعا لكونهما اعظم المصنوعة واعجبها شأنا { وما لكم } ايها المؤمنون { من دون الله } اى سوى الله وهو فى حيز النصب على الحالية من الولى لانه فى الاصل صفة له فلما قدم انتصب حالا { من } زائدة للاستغراق { ولى } قريب وصديق وقيل وال وهو القيم بالامور { ولا نصير } اى معين ومانع والفرق بين الولى والنصير ان الولى قد يضعف عن النصرة والنصير قد يكون اجنبيا عن المنصور والمقصود التسكين لقلوب المؤمنين بان الله وليهم وناصرهم دون غيره فلا يجوز الاعتماد الا عليه ولا يصح الالتجاء الا اليه والمعنى ان قضية العلم بما ذكر من الامور الثلاثة وهو العلم بـ { { أن الله على كل شيء قدير } [البقرة: 106] والعلم بـ { ان الله له ملك السموات والارض } والعلم بان ليس لهم{ من دون الله من ولى ولا نصير } هو الجزم والايقان بانه تعالى لا يفعل بهم فى امر من امور دينهم او دنياهم الا ما هو خير لهم والعمل بموجبه شئ من الثقة والتوكل عليه وتفويض الامر اليه من غير اصغاء الى اقاويل الكفرة وتشكيكاتهم التى هى من جملتها ما قالوا فى امر النسخ.