التفاسير

< >
عرض

كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
٢٤٢
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ كذلك } اشارة الى ما سبق من احكام الطلاق والعدة اى مثل ذلك البيان الواضح { يبين الله لكم آياته } الدالة على احكامه التى شرعها لعباده.
قال القاضى وعد بانه سيبين لعباده من الدلائل والاحكام ما يحتاجون اليه معاشا ومعادا { لعلكم تعقلون } لكى تفهموا ما فيها فتستعملوا العقل فيها وتعملوا بموجبها:

كشتئ بى لنكر آمد مردشر كه زباد كزنيابد اوحذر
لنكر عقلست عاقل را امان لنكرى در يوزه كن ازعاقلان

والاشارة ان المطلقة لما ابتليت بالفراق جبراً لله تعالى كسر قلبها بالمتعة يشير بهذا الى ان المريد الصادق لو ابتلى فى اوان طلبه بفراق الاعزة والاقرباء وهجران الاحبة والاصدقاء والخروج من مال الدنيا وجاهها والهجرة من الاوطان وسكانها والتنقل فى البلاد لصحبة خواص العباد ومقاساة الشدائد فى طلب الفوائد فالله تعالى يبذل له احسانه ويزيل عنه احزانه ويجبر كسر قلبه بمتعة "انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى" فيكون للطالب الملهوف متاع بالمعروف من نيل المعروف كذلك يظهر الله لكم آياته اصناف الطافه واوصاف اعطافه لعلكم تعقلون بانوار الطافه كمالات اوصافه كذا فى التأويلات النجمية.
فالعاقل لا ينظر الى الدنيا واعراضها بل يعبر عن منافعها واغراضها ويقاسى الشدائد فى طريق الحق الى ان يصل الى الذات المطلق ـ يحكى ـ عن شقيقى البلخى انه لم يجد طعاما ثلاثة ايام وكان مشتغلا بالعبادة فلما ضعف عن العبادة رفع يده الى السماء وقال يا رب اطعمنى فلما فرغ من الدعاء التفت فرأى شخصا ينظر اليه فلما التفت اليه سلم عليه وقال يا شيخ تعال معى فقام شقيق وذهب معه فادخله ذلك الرجل فى بيت فرأى فيه الواحا موضوعة عليها الوان الاطعمة وعند الخوان غلمان وجوارى فاكل والرجل قائم فلما فرغ اراد ان يخرج شقيق من ذلك البيت فقال له الرجل الى اين يا شيخ فقال الى المسجد فقال ما اسمك قال شقيق فقال يا شقيق اعلم ان هذه الدار دارك والعبيد عبيدك وانا عبدك كنت عبدا لابيك بعثنى الى التجارة فرجعت الآن وقد توفى ابوك فالدار وما فيها لك قال شقيق ان كان العبيد لى فهم احرار لوجه الله وان كانت الاموال لى وهبتها لكم فاقتسموها بينكم فانى لا اريد شيأ يمنعنى عن العبادة: قال السعدى

تعلق حجابست وبى حاصلى جوبيوندها بكسلى واصلى

والدنيا علاقة خصوصا هذا الزمان زمان الفتنة والشرور فالراقد فيه خير من اليقظان ـ حكى ـ ان سليمان عليه السلام اتى بشراب الجنة فقيل له لو شربت هذا لا تموت فتشاور مع حشمه الا القنفذ قالوا باجمعهم اشرب ثم ارسل الفرس والبازى الى القنفذ يدعوانه فلم يجبهما ثم ارسل اليه الكلب فاجابه فقال له سليمان لم لم تجب الفرس والبازى قال انهما جافيان لان الفرس يعدو بالعدو كما يعدو صاحبه والبازى يطيع غير صاحبه كما يطيع صاحبه واما الكلب فانه ذو وفاء حتى انه لو طرده صاحبه من الدار يرجع اليه ثانيا فقال له ءأشرب هذا الشراب قال لا تشرب لانه يطول عمرك فى السجن فالموت فى العز خير من العيش فى السجن

بهمه حال اسيرى كه زبندى برهد بهترش دان زاميريكه كرفتار آيد

فقال له سليمان احسنت وامر باهراقة فى البحر فعذب ماء ذلك البحر

تزود من الدنيا فانك راحل وبادر فان الموت لا شك نازل
وان امرأ قد عاش سبعين حجة ولم يتزود للمعاد لجاهل
ودنياك ظل فاترك الحرص بعدما علمت فان الظل لا بد زائل

قال السعدى قدس سره

كه اندر نعمتى مغرور غافل كهى ازتنك دستى خسته وريش
جودر سرا وضرا حالت اينست ندانم كى بحق بروازى ازخويش

اللهم احفظنا من الموانع.