التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٢٥٢
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ تلك } اشارة الى ما سلف من حديث الالوف وتمليك طالوت واتيان التابوت وانهزام الجبابرة وقتل داود جالوت { آيات الله } المنزلة من عنه { نتلوها عليك } اى بواسطة جبريل { بالحق } حال من مفعول نتلوها اى ملتبسة بالوجه المطابق الذى لا يشك فيه اهل الكتاب وارباب التواريخ لما يجدونها موافقة لما فى كتبهم { وإنك لمن المرسلين } اى من جملة الذين ارسلوا الى الامم لتبليغ رسالتنا واجراء اوامرنا واحكامنا عليهم والا لما اخبرت بتلك الآيات من غير تعرف ولا استماع والتأكيد لرد قول الكفار لست رسولا قال بعضهم

ألا اى احمد مرسل شودهر مشكل ازتوحل كنم وصف ترا مجمل تويى سلطان هرمولى
شريعت ازتوروشن طريقت هم مبرهن شد حقيقت خود معين شد زهى سلطان بى همتا

والاشارة ان المجاهد مع جالوت النفس الامارة لا يقوم بحوله وقوته حتى يرجع الى ربه مستعينا { { ربنا أفرغ علينا صبرا } [البقرة: 250].
على الائتمار بطاعتك والانزجار عن معاصيك
{ { وثبت أقدامنا } [البقرة: 250].
فى التسليم عند الشدة والرخاء وهجوم احكام القضاء فى السراء والضراء
{ { وانصرنا على القوم الكافرين } [البقرة: 250].
وهم اعداؤنا فى الدين عموما والنفس الامارة التى هى اعدى عدونا بين جنبينا خصوصا اذا كان الالتجاء عن صدق الرجاء برب الارض والسماء يكون مقرونا باجابة الدعاء والظفر على الاعداء
{ { فهزموهم بإذن الله } [البقرة: 251].
بنصرة الله فانه الذى صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده
{ { وقتل داود } [البقرة: 251].
القلب
{ { جالوت } [البقرة: 251] النفس اذا اخذ حجر الحرص على الدنيا وحجر الركون الى العقبى وحجر تعلقه الى نفسه بالهوى حتى صارت الثلاثة حجرا واحدا وهو الالتفات الى غير المولى فوضعه فى مقلاع التسليم والرضى فرمى به جالوت النفس وسخر الله له ريح العناية حتى اصاب انف بيضة هواها فاخرج منه الفضول وخرج من قفاها وقتل من ورائها ثلاثين من صفاتها واخلاقها وهزم الله باقى جيشها وهو الشياطين واحزابها { { وآتاه الله الملك والحكمة } [البقرة: 251].
يعنى آتى داود القلب ملك الخلافة وحكمة الالهامات الربانية
{ { وعلمه مما يشاء } [البقرةك 251].
من حقائق القرآن واسراره واشاراته
{ { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } [البقرة: 251].
يعنى ارباب الطلب بالمشايخ الواصلين
{ { لفسدت الأرض } [البقرة: 251].
ارض استعدادهم المخلوقة فى احسن التقويم لتشمير كمالات الدين القويم عن استيلاء جالوت النفس وجنود صفاتها فى تخريب بلاد الارواح بتبديل اخلاقها وتكدير صفاء ذواتها وترديدها الى جحيم صفات البهائم والانعام واسفل دركاتها
{ ولكن الله ذو فضل على العالمين } [البقرة: 251].
يعنى من كمال فضله ورحمته يحرك سلسلة طلب الطالبين ويلهم اسرارهم بارادة المشايخ الكاملين ويوفقهم للتمسك بذيول تربيتهم والتسليم تحت تصرفاتهم فى تنقيتهم ويثبتهم بالصبر والسكون على الرياضات والمجاهدات فى حال تزكيتهم ويشير الى المشايخ بقبولهم والاقبال عليهم ويقويهم على شدائد المخالفات فلو لم تكن هذه الالطاف من الله ما تيسر لهم تزكية نفوسهم ابدا فهذه اشارة لا تتحقق الا لاهل الخير ولهذا خص الله حبيبه بتحقيقها وتحققها بقوله { تلك آيات الله } يعنى فى ضمن هذه الآيات حقائق ودقائق { نتلوها عليك } اى نجلوها لديك { بالحق } اى بالحقيقة كما هى { وانك لمن المرسلين } الذين عبروا على هذه المقامات وشاهدوا هذه الاحوال والكرامات كذا فى التأويلات النجمية.