التفاسير

< >
عرض

نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً
١٠٤
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ نحن }[ما كه خداونديم]{ اعلم بما يقولون }[دانا تريم بآنجه ايشان ميكويند] وهو مدة لبثهم { اذ يقول }[جون كويد]{ امثلهم طريقة } اوفرهم رأيا واوفاهم عقلا: وبالفارسية [تمامترين ايشان ازروى عقل].
قال فى المفردات الامثل يعبر به عن الاشبه بالافاضل والاقرب الى الخير واماثل القوم كناية عن خيارهم وعلى هذا قوله تعالى { اذ يقول امثلهم طريقة } انتهى { ان } بمعنى النفى اى ما { لبثتم الا يوما } ونسبة هذا القول الى امثلهم استرجاع منه تعالى له لكن لا لكونه اقرب الى الصدق بل لكونه ادل على شدة الهول.
وفى التأويلات النجمية يشير الى انه اذا نفخ فى الصور وحشر اهل البلاء واصحاب الجفاء يوم الفزع الاكبر فى النفخة الثانية
{ يوما يجعل الولدان شيبا } } { { يوم تبدل الارض غير الارض } وقد غضب ربنا ذلك اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله يرون من شدة اهوال ذلك اليوم ما يقلل فى اعينهم شدة ما اصابهم من العذاب طول مكثهم فى القبور فهم يحسبون انهم ما لبثوا فى القبور الا عشرة ايام ثم قال تعالى{ نحن اعلم بما يقولون } من عظم البلاء وبما يقولون { اذ يقول امثلهم طريقة } اى اصوبهم رأيا فى نيل شدة البلاء { ان لبثتم الا يوما } وذلك لانه وجد شدة بلاء ذلك اليوم عشرة امثال ما وجده انتهى قيل

ألا انما الدنيا كظل سحابة اظلتك يوما ثم عنك اضمحلت
فلاتك فرحانا بها حين اقبلت ولا تك جزعانا اذا هى ولت

قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة: قال الشيخ سعدى

نكه دار فرصت كه عالم دميست دمى بيش دانا به از عالميست
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف كه فرصت عزيزست والوقت سيف

قال السلطان ولد

بكذار جهانراكه جهان آن تونيست وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست
كر مال جهان جمع كنى شاد مشو ور تكيه بجان كنى جان آن تونيست

فعلى العاقل ان لا يضيع وقته بالصرف الى الدنيا وما فيها من الشهوات فان الوقت نقد نفيس وجوهر لطيف وبازى اشهب لا ينبغى ان يبذل لشئ حقير وان يصاد به طير لا يسمن ولا يغنى من جوع ومن المعلوم ان عيش الدنيا قصير وخطرها يسير وقدرها عند الله صغير اذا كانت لا تعدل عنده جناح بعوضة فمن عظم هذا الجناح كان اصغر منه

بر مرد هشيار دنيا خسست كه هرمدتى جاى ديكركسست

قال عيسى عليه السلام من ذا الذى يبنى على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا وقد ثبت ان الدنيا ساعة فاجعلها طاعة واهل الطاعة تكافئ ساعة من ساعاتهم فى الآخرة بالف سنة فى الراحة بخلاف اهل المعصية فان ساعاتهم ايضا تنبسط ولكن فى المحنة وافضل الطاعات واحسن الحسنات التوحيد وتقوية اليقين بالعبادات ومتابعة سيد المرسلين وفى الحديث "لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى قيل يا رسول الله من الذى ابى قال من لم يقل لا اله الا الله فاكثروا من قول لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة" اى جنة الصورة وجنة المعنى وهى جنة القلب والروح وفيها ازهار الانوار وثمرات الاسرار وهى اعلى من جنة الصورة اذ كل كمال انما هو من تأثير المعنى وتجلياته فمن اصلح باطنه صلح ظاهره البتة كالشجرة اذا كان لها عرق فانها تورق نسأل الله الاحتراق بنار العشق والمحبة والاستغراق فى بحر التوحيد والفوز باللقاء الدائم كما قال لهم عند الله مزيد { وللذين احسنوا الحسنى وزيادة
}