التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ
١٢٣
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } الله تعالى لآدم وحواء بعد صدور الزلة { اهبطا منها جميعا } اى انزلا من الجنة الى الارض هذا خطاب العتاب واللوم فى الصورة وخطاب التكميل والتشريف فى المعنى يقال هبط هبوطا اذا نزل.
قال الراغب الهبوط الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر قال تعالى
{ وان منها لما يهبط من خشية الله } واذا استعمل فى الانسان الهبوط فعلى سبيل الاستخفاف بخلاف الانزال فان الانزال ذكره الله فى الاشياء التى نبه على شرفها كانزال القرآن والملائكة والمطر وغير ذلك والهبوط ذكره حيث نبه على البغض نحو { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو } وقال { فاهبط منها فما يكون لك ان تتكبر فيها } { بعضكم لبعض عدو } اى بعض اولادكم عدو لبعض فى امر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب فيكون نظير قوله تعالى { فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء } اى جعل اولادهما وجمع الخطاب باعتبار انهما اصل الذرية ومآله بعضكم يا ذرية آدم عدو لبعض.
وفى التأويلات النجمية يشير الى انه جعل فيما بينهم العداوة لئلا يكون لهم حبيب الا هو كما قال تعالى عن ابراهيم عليه السلام
{ فانهم عدو لى الا رب العالمين } ولما ختص آدم منهم بالاجتباء والاصطفاء واهبطه الى الارض معهم للابتلاء وعده بالاهتداء فقال { فاما يأتينكم } يا ذرية آدم وحواء { منى هدى } كتاب ورسول والاصل فان يأتينكم وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وما هذه مثل لام القسم فى دخول النون المؤكدة معها وانما جئ بكلمة الشك ايذانا بان اتيان الهدى بطريق الكتاب والرسول ليس بقطعى الوقوع وانه تعالى ان شاء هدى وان شاء ترك لا يجب عليه شئ ولك ان تقول اتيان الكتاب والرسول لما لم يكن لازم التحقق والوقوع ابرز فى معرض الشك واكد حرف الشرط والفعل بالنون دلالة على رجحان جهة الوقوع والتحقق { فمن اتبع هداى } اى فمن آمن بالكتاب وصدق بالرسول { فلا يضل } فى الدنيا عن طريق الدين القويم ما دام حيا { ولا يشقى } فى الآخرة بالعقاب: يعنى [برنج نيفتد در آخرت وبعقوبت وعذاب مبتلا نشود].