التفاسير

< >
عرض

فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ
٤٧
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ فأتياه } امرا باتيانه الذى هو عبارة عن الوصول اليه بعدما امرا بالذهاب اليه فلا تكرار والاتيان مجئ بسهولة والمجيئ اعم والاتيان فقد يقال باعتبار القصد وان لم يكن منه الحصول والمجئ اعتبارا بالحصول { فقولا } من اول الامر { انا رسولا ربك } ليعرف الطاغى سؤالكما ويبنى جوابه عليه ورسولا تثنية رسول وهو فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة اسم من الارسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او انسانا بخلاف النبى فانه مختص بالانسان { فارسل معنا بنى اسرائيل } [بس فرست باما فرزندان يعقوبرا بارض مقدسه بازرويم كه مسكن آباه ما بوده] كما قال فى بحر العلوم فاطلقهم وخلهم يذهبوا معنا الى فلسطين وكان مسكنهما وفلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة هى البلاد التى بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها.
وقال فى الارشاد المراد بالارسال اطلاقهم من الاسر والقسر واخراجهم من تحت يد العادية لا تكليفه ان يذهبوا معهما الى الشام كما ينبئ عنه قوله تعالى { ولا تعذبهم } اى بابقائهم على ما كانوا عليه من العذاب فانهم كانوا تحت مملكة القبط يستخدمونهم فى الاعمال الصعبة الفادحة من الحفر ونقل الاحجار وغيرهما من الامور الشاقة ويقتلون ذكور اولادهم عاما دون عام ويستخدمون نساءهم.
وتوسيط حكم الارسال بين بيان رسالتهما وبين ذكر المجئ بآية دالة على صحتها لاظهار الاعتناء به لان تخليص المؤمنين من ايدى الكفرة اهم من دعوتهم الى الايمان كما قيل. والعذاب هو الايجاء الشديد وقد عذبه تعذيبا اى اكثر حبسه فى العذاب واصله من قولهم عذب الرجل اذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب فالتعذيب فى الاصل هو حمل الانسان على ان يعذب اى يجوع ويسهر وقيل اصله من العذب فعذبته ازلت عذب حياته على بناء مرّضته وفدّيته وقيل اصل التعذيب اكثار الضرب بعذبة السوط اى طرفه { قد جئناك بآية من ربك } [بدرستى كه آورده ايم نشانى يعنى معجزه ازبروردكارتو] وتوحيد الآية مع تعددها لان المراد اثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة فكأنه قال قد جئناك ببرهان على ما ادعيناه من الرسالة { والسلام } اللام لتعريف الماهية والسلامة التعرى من الآفات الظاهرة والباطنة والمراد هنا اما التحية فالمعنى والتحية المستتبعة بسلامة الدارين من الله والملائكة اى خزنة الجنة وغيرهم من المسلمين { على من اتبع الهدى } بتصديق آيات الله الهادية الى الحق فاللام على اصلها كما فى سلام عليكم يقال تبعه واتبعه قفا اثره وذلك تارة بالجسم وتارة بالارتسام والامتثال وعلى ذلك قوله
{ فمن تبع هداى فلا خوف عليهم } واما السلامة فعلى بمعنى اللام كعكسه فى قوله تعالى { ولهم اللعنة } اى عليهم اللعنة.
قال فى التأويلات سلم من استسلم واتبع هدى الله تعالى وهو ما جاء به انبياؤه عليهم السلام.