التفاسير

< >
عرض

أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ
٢٤
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ ام اتخذوا من دونه آلهة } الهمزة لانكار الاتخاذ المذكور واستقباحه واستعظامه ومن متعلقة باتخذوا. والمعنى بل اتخذوا متجاوزين اياه تعالى آلهة مع ظهور خلوهم عن خواص الالوهية بالكلية { قل } لهم بطريق الالزام والقام الحجر { هاتوا } [بياريد].
قال فى بحر العلوم هات من اسماء الافعال يقال هات الشئ اى اعطنيه. والمعنى اعطونى { برهانكم } حجتكم على ما تدعون من جهة العقل والنقل فانه لا صحة لقول لا دليل عليه فى الامور الدينية لا سيما فى مثل هذا الشأن الخطير.
قال الراغب البرهان فعلان مثل الرجحان والبنيان.
وقال بعضهم هو مصدر بره يبره اذا ابيض انتهى وقد اشار صاحب القاموس الى كليهما حيث قال فى باب النون البرهان بالضم الحجة وبرهن عليه اقام البرهان وفى باب الهاء ابره اتى بالبرهان.
قال فى المفردات البرهان اوكد الادلة وهو الذى يقتضى الصدق ابدا { هذا ذكر من معى وذكر من قبلى } هذا اشارة الى الموجود بينهم من الكتب الثلاثة القرآن والتوراة والانجيل فالقرآن ذكر وعظة لمن اتبعه عليه السلام الى يوم القيامة والتوراة والانجيل ذكر وعظة للامم المتقدمة يعنى راجعوا هذه الكتب الثلاثة هل تجدون فى واحد منها غير الامر بالتوحيد فهذا برهانى قد اقمته فاقيموا ايضا برهانكم.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اثبات الوحدانية بالتحقيق وكشف العيان من خصوصية العلماء المحققين من امتى الذين هم معى فى سير المقامات وقطع المنازل الى الخضرة كما هو من خصائص الانبياء من قبلى ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم
"علماء امتى كانبياء بنى اسرائيل" اى فى صدق طلب الحق بالاعراض عن الكونين والتوجه الى الله تعالى { بل اكثرهم لا يعلمون الحق } اضراب من جهته تعالى غير داخل فى الكلام الملقن اى لا يفهمون الحق ولا يمزيون بينه وبين الباطل فلا تنجع فيهم المحاجة باظهار حقية الحق وبطلان الباطل.
وفى بحر العلوم كأنه قيل بل عندهم ما هو اصل الفساد كله وهو الجهل وعدم التمييز بين الحق والباطل فمن ثمة جاء الاعراض ومن هناك ورد الانكار { فهم } لاجل ذلك { معرضون } مستمرون على الاعراض عن التوحيد واتباع الرسول واما اقلهم العالمون فلا يقبلونه عنادا.