التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ
٥٢
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ اذ قال لابيه وقومه } ظرف لآتينا على انه وقت متسع وقع فيه الايتاء وما ترتب عليه من افعاله واقواله.
يقول الفقير والظاهر من عدم التعرض لامه كونها مؤمنة كما يدل عليه تبريه وامتناعه من ابيه دونها والمراد من قومه اهل بابل بالعراق وهى بلاد معروفة من عبادان الى الموصل طولا ومن القادسية الى حلوان عرضا سميت بها لكونها على عراق دجلة والفرات اى شاطئهما { ما }[جيست]{ هذه التماثيل التى انتم لها عاكفون } التمثيل جمع تمثال وهو الشئ المصور المصنوع مشبها بخلق من خلائق الله والممثل المصور على مثال غيره من مثلث الشئ بالشئ اذا شبهته به والعكوف الاقبال على الشئ وملازمته على سبيل التعظيم لغرض من الاغراض ضمن معنى العبادة كما يدل عليه الجواب الآتى ولذا جيئ باللام دون على اى ما هذه الاصنام التى انتم عابدون لها مقيمون عليها وهذا السؤال تجاهل منه والا فهو يعرف ان حقيقتها حجر او شجر اتخذوها معبودا.
قال الكاشفى [آن هفتاد دو صورت بود. ودرتيسير كويد نودبت بود وبزر كترهمه را اززر ساخته بودند ودوكهر شاهوار درجشمهاى او تركيب كرده. ودرتبيان آورده كه صورتها بودند بر هيأت سباع وطيور وبهائم وانسان. وبقول بعضى تماثيل بر مصور هياكل كواكب بود] - روى - ان عليا رضى الله عنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج. فقال ما هذا التماثيل كما فى تفسير ابى الليث وفيه تقبيح للعب الشطرنج حيث عبر عن شخوصه بما عبر به ابراهيم عن الاصنام فاشار الى ان العكوف على هذا اللعب. كالعكوف على عبادة الاصنام.
قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر والكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ولهو وقال عليه السلام
"لهو المؤمن باطل الا لثلاث تأديبه لفرسه ومناضلته قوسه وملاعبته مع اهله" وحكى عن الشافعىرحمه الله اباحة اللعب بالشطرنج لما فيه من تسخية الخاطر.
قال زين العرب فى شرح المصابيح رجع الشافعى عن هذا القول قبل موته باربعين يوما وذكر الغزالى ايضا فى خلاصته انه مكروه عند الشافعى اى فى قوله الاخير وكيف لا يكون مكروها وهو احياء سنة المجوس وقد قال عليه السلام
"من لعب بالشطرنج والنردشير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير" واما قول ابن خيام

زمانى بحث ودرس قيل وقالى كه انسانرا بود كسب كمالى
زمانى شعر وشطرنج وحكايات كه خاطررا شود دفع ملالى

فمن قبيل القول الباطل الناشئ عن هوى النفس الامارة بالسوء اعاذنا الله واياكم من مكروها وتسويلها.
وفى الآية اشارة الى احوال اهل الدين فانهم يرون اهل الدنيا بنور الرشد عاكفين لاصنام الهوى والشهوات يقولون لهم ما هذه التماثيل الخ ولو لم يكن نور الرشد والهداية من الله لكانوا معهم عاكفين لها وما رأوها بنظر التماثيل