التفاسير

< >
عرض

فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
٥٨
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ فجعلهم } الفاء فصيحة اى فولوا فجعلهم { جذاذا } قطاعا فعال بمعنى المفعول من الجذ الذى هو القطع كالحطام من الحكم الذى هو الكسر.
قال فى القاموس الجذ القطع المستأصل والكسر والاسم الجذاذ مثلثة انتهى { الا كبيرا لهم } استثناء من مفعول قوله فجعلهم ولهم صفة لكبيرا والضمير للاصنام اى لم يكسر الكبير وتركه على حاله وعلق الفأس فى عنقه وكبره فى التعظيم او فى الجثة او فيهما { لعلهم اليه } الى الكبير وتقديم الظرف للاختصاص او لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة { يرجعون } فيسألون عن كاسرها لان من شأن المعبود ان يرجع اليه فى حل المشكل فيستجهلهم ويبكتهم بذلك كذا فى بحر العلوم او الى ابراهيم يرجعون لاشتهاره بانكار دينهم وسب آلهتهم وعداوتهم فحاججهم بقوله بل فعله كبيره فيحجهم ويبكتهم كما فى الارشاد وغيره - روى - ان آزر خرج به فى يوم عيد لهم فبدأوا ببيت الاصنام فدخلوه فسجدوا لها ووضعوا بينها طعاما وخبزا جاؤا به معهم وقالوا الآن ترجع بركة الآلهة على طعامنا فذهبوا وبقى ابراهيم فنظر الى الاصنام فقال مستهزئا بهم مالكم لا تنطقون ما لكم لا تأكلون ثم التفت فاذا بفأس معلق فتناوله فكسر الكل ولم يبق الا الكبير وعلق الفأس فى عنقه واراق تلك الاطعمة ورجع الى منزله.
قال الامام فان قيل ان كان القوم عقلاء فقد علموا بالضرورة انها لا تسمع ولا تضر ولا تنفع فما الحاجة الى كسرها غايته انهم كانوا يعظمونها كما نعظم نحن المصحف والمحراب والكسر لا يقدح فيه وان لم يكونوا عقلاء لم تحسن المناظرة معهم ولا بعث الرسل اليهم والجواب انهم كانوا عقلاء عالمين انها لا تضر ولا تنفع لكنهم ربما اعتقدوا انها تماثيل الكواكب وطلسمات من عبدها ينتفع بها ومن استخف بها ناله ضرر ثم ان ابراهيم كسرها ولم ينله ضرر فدل على فساد مذهبهم.
وفى الآية اشارة الى ان الانسان اذا وكل الى نفسه وطبعه ينحت من هوى نفسه اصناما كما كان ابو ابراهيم آزر ينحت الاصنام واذا ادركته العناية الازلية وايد بالتأييدات الآلهية بكسر اصنام الهوى ويجعلها جذاذا فضلا عن نحتها كما كان حال ابراهيم كان يكسر من الاصنام ما ينحت ابوه واذا كان المرء من اهل الخذلان يرى الحق باطلا والباطل حقا كما كان قوم نمرود: وقال الخجندى

بشكن بت غروركه دردين عاشقان يك بت كه بشكنند به ازصد عبادتست