التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ
٨٤
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاستجبنا له } [بس اجابت كرديم دعاى ويرا]{ فكشفنا }[بس ببرديم]{ ما به من ضر }[آنجه ويرابود ازرنج يعنى اوراشفاداديم] - روى - انه قيل له يوم الجمعة عند السحر او وقت زوال الشمس ارفع رأسك فقد استجيب لك اركض برجلك اى اضرب بها الارض فركض فنبعت من تحتها عين ماء فاغتسل منها فلم يبق فى ظاهر بدنه دودة الا سقطت ولا جراحة الا برئت ثم ركض مرة اخرى فنبعث عين اخرى فشرب منها فلم يبق فى جوفه داء الاخرج وعاد صحيحا ورجع الى شبابه وجماله ثم كسى حلة. قال بعض الكبار السر فى ابتلائه تصفية وجوده بالرياضات الشاقة وانواع المجاهدات البدنية لتكميل المقامات العلية فامر بضرب ارض النفس ليظهر له ماء الحياة الحقيقية متجسدا فى عالم المثال فيغتسل به فتزول من بدنه الاسقام الجسمانية ومن قلبه الامراض الروحانية فلما جاهد وصفا استعداده وصار قابلا للفيض الالهى ظهر له من الحضرة الروحانية ماء الحياة فاغتسل به فزال من ظاهره وباطنه ما كان سبب الحجاب والبعد عن ذلك الجناب الالهى انتهى.
واراد الله تعالى ان يجعل الدود عزيزا بسبب صحبة ايوب فان الدود اذل شئ وصحبة الشريف تعزه كما اعز حوت بيونس فلما تناثرت منه صعدت الى الشجرة وخرج من لعابها الابريسم ليصير لباسا ببركة ايوب: قال الشيخ سعدى قدس سره

كلى خوشبوى درحمام روزى رسيد ازدست محبوبى بدستم
بدو كفتم كه مشكى يا عبيرى كه ازبوى دلاويز تومستم
بكفتا من كل ناجيز بودم وليكن مدتى باكل نشستم
كمال همنشين برمن اثر كرد وكرنه من همان خاكم كه هستم

قالوا من كان مجاورا للعزيز والشريف صار عزيزا شريفا ومن كان مجاورا للذليل والوضيع كان ذليلا ووضيعا ألا ترى ان الصبا اذا مرت بالازهار والوراد تحمل الرائحة الطيبة واذا عبرت على المستقذرات تحمل الرائحة الخبيثة وقس على هذا من كان مصاحبا لاوصاف النفس ومن كان مجاورا لاخلاق الروح { وآتيناه اهله ومثلهم معهم } بان ولد له ضعف ما كان - روى - ان الله تعالى رد الى امرأته شبابها فولدت له ستة وعشرين ولدا كما هو المروى عن ابن عباس رضى الله عنهما ورد امواله وكان رحيما بالمساكين يكفل الايتام والارامل ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل وفى الحديث "بينما ايوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل ايوب يحثو فى ثوبه فناداه ربه يا ايوب ألم اكن اغنيتك عما ترى قال بلى وعزتك ولكن لا غنى لى عن بركتك" وفيه دلالة على اباحة تكثير المال الحلال { رحمة من عندنا } اى آتيناه ما ذكر لرحمتنا اياه بالرحمة الخاصة { وذكرى للعابدين } وتذكرة وعبرة لغيره من العابدين ليعلموا بذلك كمال قدرتنا ويصبروا كما صبر ايوب فيثابوا كما اثيب

هر كه اودرراه حق صابر بود بر مراد خويشتن قادر بود
صبر بايد تاشنود يكسو حرج زانكه كفت الصبر مفتاح الفرج

واعلم ان بلاء ايوب من قبيل الامتحان ليبرز ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه وبلاء يوسف من قبيل تعجيل العقوبة اى على قوله { اذكرنى عند ربك }. وبلاء يحيى حيث ذبح من قبيل الكرامة اذ لم يهم بخطيئة قط.