التفاسير

< >
عرض

كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ
٢٢
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ كلما ارادوا ان يخرجوا منها } اى اشرفوا على الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى انها تضربهم بلهبها فترفعهم حتى اذا كانوا فى اعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا وهو من ذكر البعض وارادة الكل اذ الخريف آخر الفصول الاربعة { من غم } اى غم شديد من غمومها يصيبهم وهو بدل اشتمال من الهاء { اعيدوا فيها } اى في قعرها بان ردوا من اعلاها الى اسفلها من غير ان يخرجوا منها، قال الكاشفى [باركردانيده شوندبدان كرزها دردوزخ يعنى جون بكنازة دوزخ رسيده بخروج نزديك شوندزبانية كرزبرسر ايشان ميزند وبازمى كرداند بدركات] { و } قيل لهم { ذوقوا } [بجشيد] { عذاب الحريق } [عذاب آتش سوزنده] او العذاب المحرق كما سبق والعدول الى صيغة الفعيل للمبالغة.
قال فى التأويلات النجمية
{ فالذين كفورا } من ارباب النفس بانقطاعهم عن الله ودينه وباتباعهم الهوى وطلب الشهوات الدنيوية ومن اصحاب الروح باعراضهم عن الله ورد دعوة الانبياء { قطعت لهم ثياب من نار } بتقطيع خياط القضاء على قدّهم وهى ثياب نسجت من سدى مخالفات الشرع ولحمة موافقات الطبع { يصب من قوق رؤسهم الحميم } حميم الشهوات النفسانية يذاب ويخرج ما فى قلوبهم من الاخلاق الحميدة { ولهم مقامع من حديد } اى الاخلاق الذميمة واستيلاء الحرص والامل وقيل لهم ذوقوا عذاب ما احرقت منكم نار الشهوات من الاستعدادات الحسنة انتهى، ان قيل نار جهنم خير ام شر، قلنا ليست هى بخير ولا بشر بل عذاب وحكمة، وقيل خير من وجه كنار نمرود شر فى اعينهم وبرد وسلام على ابراهيم وكالسوط فى يد الحاكم خير للطاغى وشر للمطيع فالنار خير ورحمة على مالك وجنوده وشر على من دخل فيها من الكفار، وايضا خير لعصاة المؤمنين حيث تخلص جواهر نفوسهم من ألواث المعاصى وشر لغيرهم كالطاعون رحمة للمؤمنين ورجز للكافرين والوجود خير محض عند العارفين والعدم شر محض عند المحققين لان الوجود اثر صنع الحكيم كما قال { سبحانك ما خلقت هذا باطلا } فالشرور بالنسبة الى الاعيان الكونية لا بالنسبة الى افعال الله ولله فى ملكه ان يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فالنار مظهر الجلال فمن جهة مظهريتها خير محض ومن جهة تعلقها ببعض الاعيان شر محض وقد خلق الله النار ليعلم الخلق قدر جلال الله وكبريائه ويكونوا على هيبة وخوف منه ويؤدب بها من لم يتأدب بتأديب الرسل ولهذا السر علق النبى عليه السلام السوط حيث يراه اهل البيت لئلا يتركوا الادب ـ وروى ـ ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام ما خلقت النار بخلا منى ولكن اكره ان اجمع اعدائى واوليائى فى دار واحدة، وقيل خلق النار لغلبة الشفقة كرجل يضيف الناس ويقول من جاء الى ضيافتى اكرمته ومن لم يجىء ليس عليه شىء ويقول مضيف آخر من جاء الىّ اكرمته ومن لم يجىء ضربته وحبسته ليتبين غاية كرمه وهو اكمل واتم من الكرم الاول والله تعالى دعا الخلق الى دعوته بقوله { والله يدعو الى دار السلام } ثم دفع السيف الى رسوله فقال من لم يجب ضيافتى فاقتله فعلى العاقل ان يجيب الى دعوة الله ويمتثل لامره حتى يأمن من قهره: قال الشيخ سعدى قدر سره

هنوزت اجل دست هوشت نبست بر آور بدر كاه داور دودست
توبيش از عقوبت درغفو كوب كه سودى ندارد فغان زيرجوب
جنان شرم دار از خداوند خويش كه شرمت زهمسا يكانست وخوبش
بترس از كناهان خويش اين نفس كه روز قيامت نترسى زكس
بران خورد سعدى كه بيخى نشاند كسى برد خرمن كه تخمى فشاند