التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ
٦٢
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ ذلك } الوصف بكمال العلم والقدرة { بان الله هو الحق } فى الالوهية { وان ما يدعون } يعبدون { من دونه هو الباطل } الهية { وان الله هو العلى } على جميع الاشياء { الكبير } عن ان يكون له شريك لا شىء اعلى منه شأنا واكبر سلطانا.
وفى التأويلات النجمية اعلى من مايجده الطالبون بداية والعظيم الذى لا يدرك الواصلون نهايته، وفى بحر العلوم هو العلى شأنه اى امره وجلاله فى ذاته وافعاله لا شىء اعلى منه شأنا لانه فوق الكل بالاضافة وبحسب الوجوب وهو فعيل من العلو فى مقابلة السفل وهما فى الامور المحسوسة كالعرش والكرسى مثلا وفى الامور المعقولة كما بين النبى وامته وبين الخليفة والسلطان والعالم والمتعلم من التفاوت فى الفضل والشرف والكمال والرفعة ولما تقدس الحق سبحانه عن الجسمية تقدس علوه عن ان يكون بالمعنى الاول وهو الامور المحسوسة فتعين واختص بالثاني، قال الامام الغزالىرحمه الله العبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا اذلا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ماهو فوقها وهى درجات الانبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لايكون فى جنس الانس من يفوقه وهى درحة نبينا عليه الصلاة والسلام ولكنه قاصر بالاضافة الى العلو المطلق لانه علو بالاضافة الى بعض الموجودات والآخر انه علو بالاضافة الى الوجود لابطريق الوجوب بل يقارنه امكان وجود انسان فوقه فالعلى المطلق هو الذى له الفوقية لا بالاضافة وبحسب الوجوب لا بحسب الوجود الذى يقارنه امكان نقيضه والكبير هو ذو الكبرياء عبارة عن كمال الذات المعنى به كمال الوجود وكمال الوجود بشيئين احدهما ان يصدر عنه كل موجود والثانى ان يدوم اذ كل وجود مقطوع بعدم سابق او لاحق فهو ناقص ولذلك يقال للانسان اذا طالت مدة وجوده انه كبير اى كبير السن طويل مدة البقاء ولا يقال عظيم السن فالكبير يستعمل فيما لايستعمل فيه العظيم والكبير من العباد هو الكامل الذى لاتقتصر عليه صفات كماله بل تسرى الى غيره ولا يجالسه احد الا ويفيض عليه من كماله شىء وكمال العبد فى عقله وورعه وعلمه فالكبير هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من انواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وقيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس فقال من يزيد فى علمكم منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله، وفى الآية اشارة الى ان ماسوى الله باطل اى غير موجود بوجود ذاتى: وفى المثنوى

كل شىء ماخلا الله باطل ان فضل الله غيم هاطل
ملك ملك اوست او خودمالكست غير ذاتش كل شىء هالكست

قال الشيخ ابو الحسن الكبرى استغفر الله مما سوى الله اى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الشهود واليقين ويصل فى التوحيد الى مقام التمكين

تادم وحدت زدى حافظ شوريده حال خامه توحيد كش برورق اين وآن

نسأل الله التوفيق لدرك الحقيقة على التحقيق.