التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٧٠
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ ألم تعلم } الاستفهام للتقرير اى قد علمت { ان الله يعلم مافى السماء والارض } فلا يخفى عليه شىء من الاشياء التى من جملتها ما يقول الكفرة وما يعملونه { ان ذلك } اى مافى السماء والارض { فى كتاب } هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك امرهم مع علمنا به وحفظنا له { ان ذلك } اى ما ذكر من العلم والاحاطة به واثباته فى اللوح { على الله يسير } سهل: وبالفارسية [آسانست] فان علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور.
وفى الآيات اشارات، منها ان لكل فريق من الطلاب شرعة هم واردوها ولكل قوم طريقة هم سالكوها ومقاماهم سكانه ومحلاهم قطانه ربط كل جماعة بما اهلهم واوصل كل ذوى رتبة الى ما جعله محلهم فبساط التعبد موطوء باقدام العابدين ومشاهد الاجتهاد معمورة باصحاب الكلف من المجتهدين ومجالس اصحاب المعارف مأنوسة بلوازم العارفين ومنازل المحبين مأهولة بحضور الواجدين ولتفاوت مقامات السلوك والموصول تفاوتت الدعوة الى الله تعالى فمنهم من يدعو الخلق من باب الفناء فى حقيقة العبودية وهو قوله تعالى
{ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا } ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة العبودية وهو الذلة والافتقار وما يقتضيه مقام العبودية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الاخلاق الرحمانية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الاخلاق بالقهرية ومنهم من يدعوهم من باب الاخلاق الالهية وهو ارفع باب واجله وقد قالوا الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق وبعدد الانفاس الالهية فان الشؤون المتجددة من الله تعالى فى كل مظهر انفاس الالهية، ومنها ان اهل المجادلة هم اهل التابى والانكار والاعتراض والله اعلم باحوالهم ويحكم يوم القيامة بين كل فريق بما يناسب حاله اما الاجانب فيقول لهم { كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } واما الاولياء فقوم منهم يحاسبهم حسابا يسيرا وصنف منهم يؤتون اجورهم بغير حساب واما الاحباب فيقعدون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر، ومنها ان السماء سماء القلب وفيه نور اليقين والصدق والاخلاص والمحبة والارض ارض البشرية والنفس الامارة وفيها ظلمة الشك والكذب والشرك وحرص الدنيا فيزيل الله عن ارباب القلوب البلوى ويجمل لهم النعمى وتنزل بارباب النفوس البلوى ولا يسمع منهم الشكوى ان ذلك فى كتاب مكتوب بقلم التقدير فى القدم كما قال الشيخ سعدى

كرت صورت خال بد يانكوست نكاريده دست تقدير اوست

ان ذلك على الله يسير مجازاتهم على وفق التقدير سهلة على الله تعالى ولكن ليعرف المؤمن ان كلا ميسر او مهيأ لما خلق له فمن وفق للعلم والعمل كان ذلك علامة للسعادة العظمى ومن ابتلى بالجهل والكسل كان ذلك امارة للشقاوة الكبرى فلم يبق الا التسليم للاحكام الالهية والاجتهاد فى طريق الحق بالشريعة والطريقة الى ان يحصل الوصول الى المعرفة والحقيقة واما قوله

قضا كشتى انجا كه خواهد برد وكر ناخدا جامه برتن درد

فناظر الى عالم القضاء والعبد اعمى عنه وليس له التفحص عن ذلك والله تعالى يقول الحق وهو يهدى السبيل