التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
٧٢
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذا تتلى عليهم } اى على المشركين { آياتنا } من القرآن حال كونها { بينات } واضحات الدلالة على العقائد الحقية والاحكام الالهية { تعرف فى وجوه الذين كفروا المنكر } اى الانكار بالعبوس والكراهة كالمكرم بمعنى الاكرام: وبالفارسية [يعنى جون قرآن بركافران خوانى اثر كراهت ونفرت درروى ايشان به بينى ازفرط عناد ولجاج كه باحق دارند]، واعلم ان الوجوه كالمرائى فكل صورة من الاقرار والانكار تظهر فيها فهى اثر احوال الباطن وكل اناء يترشح بما فيه كتلون وجوه قوم صالح فما ظهر عليهم فى ظاهرهم الا حكم مااستقر فى باطنهم، قال الفقير

هركرا صورت بياض الوجوه بود صورت حال درونش رونمود
كرسياه ويا كبودى بود رنك رنك او ظاهر شد ازدل بى دل نك

{ يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا } اى يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لا باطيل اخذوها تقليدا من السطوة وهى البطش برفع اليد يقال سطابه { قل } ردا عليهم واقناطا مما يقصدونه من الاضرار بالمسلمين { أفأنبئكم } اى أخاطبكم فأخبركم { بشر من ذلكم } الذى فيكم من غيضكم على التالين وسطوتكم بهم { النار } اى هو النار على انه جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ماهو { وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير } اى النار والمصير المرجع، وفيه اشارة الى ان نار القطيعة والطرد والابعاد شر من الانكار الذى في قلوب المنكرين فعلى العاقل ان يجتنب عن كل ما يؤدى الى الشرك والانكار ويصحب اهل التوحيد والاقرار ويقبل الحقائق والاسرار ويحب ارباب الولاية ويبغض اصحاب الضلالة، وفى بعض الاخبار يقول الله تعالى غدا ياابن آدم اما زهدك من الدنيا فانما طلبت الراحة لنفسك واما انقطاعك الى فانما طلبت العزة لنفسك ولكن هل عاديت لى عدوا اوواليت لى وليا، واعلم ان الكفر والانكار يؤديان الى النار كما ان التوحيد والاقرار يفضيان الى الجنة وهما من افضل النعم فان العبد يصل بسبب التوحيد الى السعادة الابدية ولذلك كل عمل يوزن الا شهادة ان لا اله الله واذا رسخ التوحيد فى قلب المؤمن لم يجد بدا من الاقرار والذكر كما وجد مجالا صالحا له ـ حكى ـ ان بعض الصالحين رأى زبيدة امرأة هارون الرشيد فى المنام بعد الموت وسأل عن حالها فقالت غفر لى ربى فقال ابالحياض التى حفرتها بين الحرمين الشريفين فقالت لا فانها كانت اموالا مغصوبة فجعل ثوابها لاربابها فقال فبم قالت كنت فى مجلس شرب الخمر فامسكت عن ذلك حين أذن المؤذن وشهدت ماشهد المؤذن فقال الله تعالى لملائكته امسكوا عن عذابها لو لم يكن التوحيد راسخا فى قلبها لما ذكرتنى عند السكر فغفر لى واحسن حالى واما اهل النار المؤاخذة فالادنى منهم عذابا يتنعل من نار يغلى منه دماغه ولذلك قال الله تعالى { وبئس المصير } فانه لا راحة فيها لاحد عصمنا الله واياكم من نار البعد وعذاب السعير انه خير عاصم ومجير.