التفاسير

< >
عرض

لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
١٠٠
-المؤمنون

روح البيان في تفسير القرآن

فيقول { لعلى اعمل صالحا فيما تركت } اى فى الايمان الذى تركته اى لعلى اعمل فى الايمان الذى آتى به البتة عملا صالحا فلم ينظم الايمان فى سلك الرجاء كسائر الاعمال الصالحة بان يقول لعلى او من فاعمل الخ للاشعار بانه امر مقرر الوقوع غنى عن الاخبار بوقوعه فضلا عن كونه مرجو الوقوع، وقال فى الجلالين { لعلى اعمل صالحا } اى اشهد بالتوحيد { فيما تركت } حين كنت فى الدنيا انتهى، قال بعضهم الخطاب فى ارجعون لملك الموت واعوانه وذكر الرب للقسم كما فى الكبير واستعان بالله اولا ثم بهم كما فى الاسئلة المقحمة وكما قال الكاشفى [امام ثعلبى باجمعى مفسران برانندكه خطاب با ملك الموت واعوان اوست اول بكلمة رب استعانه مى نمايند بخداى وبكلمه ارجعون رجوع مى نمايند بملائكة]، ويدل عليه قوله عليه السلام "اذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك الى الدنيا فيقول الى دار الهموم والاحزان بل قدوما الى الله تعالى واما الكافر فيقول ارجعون" وقيل اريد بقوله فيما تركت فيما قصرت فتدخل فيه العبادات البدنية والمالية والحقوق، قال فى الكبير وهو اقرب كأنهم تمنوا الرجعة ليصلحوا ماافسدوه، يقول الفقير فالمراد بالعمل الصالح هو العمل المبنى على الايمان لانه وان كان عمل عملا فى صورة الصالح لكنه كان فاسدا فى الحقيقة حيث احبطه الكفر فلما شاهد بطلانه رجا أن يرجع الى الدنيا فيؤمن ويعمل عملا صالحا صورة وحقيقة، وقال القرطبى سؤال الرجعة غير مختص بالكافر اى بل يعم المؤمن المقصر، قال فى حقائق البقلى بين الله سبحانه ان من كان ساقطا عن مراتب الطاعات لم يصل الى الدرجات ومن كان محروما من المراقبات فى البدايات كان محجوبا عن المشاهدات والمعاينات فى النهايات وان اهل الدعاوى المزخرفات والترهات تمنوا فى وقت النزع ان لم تمض عليهم اوقاتهم بالغفلة عن الطاعات ولم يشتغلوا بالدعاوى المخالفات والمحالات فاقبل على طاعة مولاك واجتنب الدعاوى واطلاق القول فى الاحوال فان ذلك فتنة عظيمة هلك فى ذلك طائفة من المريدين وما فزع احد الى تصحيح المعاملات الا اداه بركة ذلك الى قرب الرب ومقام الامن ولا ترك احد هذه الطريقة الا تعطل وفسد ووقع فى الخوف العظيم وتمنى حين لا ينفع التمنى: قال الحافظ

كارى كنيم ورنه خجالت بر آورد روزى كه رخت جان بجهان دكر كشيم

وقال الخجندى

علم وتقوى سر بسر دعويست ومعنى ديكرست مرد معنى ديكر وميدان دعوى ديكرست

{ كلا } ردع عن طلب الرجعة واستبعاد لها اى لا يرد الى الدنيا ابدا { انها } اى قولة رب ارجعون { كلمة } الكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضه مع بعض { هو } اى ذلك الاحد { قائلها } عند الموت لا محالة لتسلط الحزن عليه ولا يجاب لها { ومن ورائهم } فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسى وياء عند العامة وهومن ظروف المكان بمعنى خلف وامام اى من الاضداد. والمعنى امام ذلك الاحد والجمع باعتبار المعنى لانه فى حكم كلهم كما ان الافراد فى قال وما يليه باعتبار اللفظ { برزخ } حائل بينهم وبين الرجعة وهو القبر.
وفى التأويلات النجمية وهو مابين الموت الى البعث اى بين الدنيا والآخرة وهو غير البرزخ الذى بين عالم الارواح المثالى وبين هذه النشأة العنصرية { الى يوم يبعثون } يوم القيامة هو اقناط كلى من الرجعة الى الدنيا لما علم ان لا رجعة يوم البعث الى الدنيا واما الرجعة حنيئذ فالى الحياة الاخروية.