التفاسير

< >
عرض

فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٤١
-المؤمنون

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاخذتهم الصيحة } صيحة جبريل صاح عليهم صيحة هائلة تصدعت منها قلوبهم فماتوا والصحية رفع الصوت، فان قلت هذا يدل على ان المراد بالقرن المذكور فى صدر القصة ثمود قوم صالح فان عادا اهلكوا بالريح العقيم، قلت لعلهم حين ا صابتهم الريح العقيم اصيبوا فى تضاعفها بصيحة هائلة ايضا كما كان عذاب قوم لوط بالقلب والصحية كمامر وقد روى ان شداد بن عاد حين اتم بناء ارم سار اليها باهله فلما دنا منها بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا وقل الصيحة نفس العذاب والموت، وفى الجلالين فاخذتهم صيحة العذاب { بالحق } متعلق بالاخذ اى بالوجه الثابت الذى لا دافع له، وفى الجلالين بالامر من الله { فجعلناهم } فصيرناهم { غثاء } اى كغثاء السيل لا ينتفع به وهو ما يحمله السيل على وجهه من الزبد والورق والعيدان كقولك سال به الوادى لمن هلك، قال الكاشفى [غثاء: جون خاشاك آب آورده يعنى هلاك كرديم ونابود ساختيم جون خس وخاشاك كه سيل آنرا باطراف افكند وسياه كهنه كردد] { فبعدا للقوم الظالمين } يحتمل الاخبار والدعاء، قال الكاشفى [بس دورى باد از رحمت خداى مركروه ستمكارانرا] وبعدا مصدر بعد اذا هلك وهو من المصادر التى لايكاد يستعمل ناصبها. والمعنى بعدوا بعدا اى هلكوا واللام لبيان من قيل له بعدا، وفى الآية اشارة الى ان اهل الدنيا حين بغوا فى الارض وطغوا على الرسل

جومنعم كند سفله را روزكار نهد بر دل تنك درويش بار
جو بام بندش بود خود برست كند بول وخاشاك بربام بست

وقالوا لرسلهم ماقالوا لا يعلمون ان الرسل واهل الله وان كانوا يأكلون مما يأكل اهل الدنيا ولكن لا يأكلون كما يأكل هؤلاء فانهم يأكلون بالاسراف اهل الله يأكلون ولايسرفون كما قال النبى عليه السلام "المؤمن يأكل فى معى واحد والكافر يأكل فى سبعة أمعاء"

لاجرم كافر خورد درهفت بطن دين ودل باريك ولاغرزفت بطن

بل اهل الله يأكلون ويشربون بافواه القلوب مما يطعمهم ربهم ويسقيهم حيث يبيتون عند ربهم، قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره كان عليه السلام يبيت عند ربه فيطعمه ويسقيه من تجلياته المتنوعة وانما اكله فى الظاهر لاجل امته الضعيفة والا فلا احتياج له الى الاكل والشرب ماروى من انه كان يشد الحجر فهو ليس من الجوع بل من كمال لطافته لئلا يصعد الى الملكوت بل يستقر فى الملك للارشاد وقد وصف الله الكفار بشر الصفات وهى الكفر بالخالق وبيوم القيامة والانغماس فى حب الدنيا ثم سجل عليهم بالظلم واشار الى ان هلاكهم انما كان بسبب ظلمهم

نماند ستمكار بدروزكار بماند برولعنت بايدار

فالظلم من شيم اهل الشقاوة والبعد وانهم كالغثاء فى عدم المبالاة بهم كما قال (هؤلاء فى النار ولا ابالى).