التفاسير

< >
عرض

حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٧
-المؤمنون

روح البيان في تفسير القرآن

{ حتى اذا } [ناجون] { فتحنا عليم بابا ذا عذاب شديد } هو عذاب الآخرة { اذا هم } [ناكاه ايشان] { فيه } [دران عذاب] { مبلسون } متحيرون آيسون من كل خير أى محناهم بكل محنة من القتل والاسر والجوع وغير ذلك فما رؤى منهم انقياد للحق وتوجه الى الاسلام واما ما اظهره ابو سفيان فليس من الاستكانة له تعالى والتضرع اليه فى شىء وانما هو نوع قنوع الى ان يتم غرضه فحاله كما قيل اذا جاع ضغا واذا شبع طغا واكثرهم مستمرون على ذلك الى ان يروا عذاب الآخرة فحينئذ يبلسون كقوله تعالى { ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون } وقوله تعالى { لايفتر عنهم وهم فيه مبلسون } قال عكرمة هو باب من ابواب جهنم عليه من الخزنة اربعمائة الف سود وجوههم كالحة انيابهم قد قلعت الرحمة من قلوبهم اذا بلغوه فتحة الله عليهم نسأل الله العافية من ذلك، قال وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الايدى وكانت تنخدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج من ابنى هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجنا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابنى هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابنى هارون قد عملت مكانهما منى فاوحى الله اليه ياابن عمران هكذا اقعل باوليائى اذا عصونى فكيف باعدائى، وخرج على سهل الصعلوكى من مستوقد حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة اذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك واذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه فعلم منه ان عذاب الآخرة ليس كعذاب الدنيا ومن عرف حقيقة الحال يقع فى خوف المآل "وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل مالى لم ار ميكائيل ضاحكا قط قال ماضحك ميكائيل منذ خلقت النار" ، واعلم ان المجاهدات والرياضات عذاب للنفس والطبيعة لاذابة جوهرهما من حيث الهوى والشهوات وارجاعهما الى الفطرة الاصلية لكن لابد مع ذلك من التضرع والبكاء وتعفير الوجوه بالتراب لانه بالاعتماد على الكسب يصعب طريق الوصول وبالافتقار والذلة ينفتح باب القبول

جز خضوع وبندكى واضطرار اندرين حضرت ندارد اعتبار

وعن ابى يزيد البسطامى قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرايت قائلا يقول لى يا ابا يزيد خزائنه مملوءه من العبادة ان اردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار فعلم منه ان العذاب لا ينقطع الا بافراد العبودية لله تعالى والتواضع على وجه ليس فيه شائبة انانية اصلا نسأل الله سبحانه ان يكشف عنا ظلمة النفس وينورنا بنور الانس والقدس انه المسئول فى كل امل والمأمول من كل عمل.