التفاسير

< >
عرض

وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَاتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٨
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ ويبين الله لكم الأيات } الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب دلالة واضحة لتتعظوا وتتأدبوا بها اى ينزلها مبينة ظاهرة الدلالة على معانيها لا انه يبينها بعد ان لم تكن كذلك { والله عليم } باحوال جميع مخلوقاته جلائلها ودقائقها { حكيم } فى جميع تدابيره وافعاله فأنى يمكن صدق ما قيل فى حق حرمة من اصطفاه لرسالته وبعثه الى كافة الخلق ليرشدهم الى الحق ويزكيهم ويطهرهم تطهيرا، وقال الكاشفى [وخداى تعالى داناست بطهارت ذيل عائشة حكم كننده ببرائت ذمت او ازعيب وعار]

تاكريبان دامنش باكست ازلوث خطا وز مذمت عيب جو آلوده ازسر تابيا

وجه زيبا كفته است

كرا رسد كه كند عيب دامن باكت كه همجو قطره كه بر برك كل جكدبا كى

وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى لا يجرى على خواص عباده الا ما يكون سببا لحقيقة اللطف وان كان فى صورة القهر تأديبا وتهذيبا وموجبا لرفعة درجاتهم وزيادة فى قرابتهم وان قصة الافك وان كانت فى صورة القهر كانت فى حق النبى عليه السلام وفى حق عائشة وابويها وجميع الصحابة ابتلاء وامتحانا لهم وتربية وتهذيبا فان البلاء للولاء كاللهب للذهب كما عليه السلام "ان اشد الناس بلاء الانبياء ثم الاولياء ثم الامثل فالامثل" وقال عليه السلام "يبتلى الرجل على قدر دينه" فان الله غيور على قلوب خواص عباده المحبوبين فاذا حصلت مساكنة بعضهم الى بعض يجرى الله تعالى ما يرد كل واحد منهم عن صاحبه ويرده الى حضرته "وان النبى عليه السلام لما قيل له أى الناس احب اليك قال عائشة فساكنها" وقال "ياعائشة حبك فى قلبى كالعقدة" وفى بعض الاخبار ان عائشة قالت يا رسول الله انى احبك واحب قربك فاجرى الله تعالى حديث الافك حتى رد رسول الله قلبه عنها الى الله بانحلال عقدة حبها عن قلبه وردت عائشة قلبها عنه الى الله حيث قالت لما ظهرت براءة ساحتها نحمد الله لا نحمدك فكشف الله غيابة تلك المحبة وازال الشك واظهر براءة ساحتها حين ادبهم وهذبهم وقربهم وزاد فى رفعة درجاتهم وقرباتهم، قال فى الحكم العطائية وشرحها قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه لعائشة رضى الله عنها لما نزلت براءتها من الافك على لسان رسول الله عليه السلام يا عائشة اشكرى رسول الله نظرا منه لوجه الكمال لها فقالت لا والله لااشكر الا الله رجوعا منها الى اصل التوحيد اذ لم يسع غيره فى تلك الحال قلبها دلها ابو بكر فى ذلك على المقام الاكمل عند الصحو وهو مقام البقاء بالله المقتضى لاثبات الآثار وعمارة الدارين التزاما لحق الحكم والحكمة وقد قال تعالى { ان اشكر لى ولوالديك } فقرن شكرهما بشكره اذ هما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقى فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وقال عليه السلام "لايشكر الله من لا يشكر الناس" فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب الله على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده وكانت هى يعنى عائشة فى ذلك الوقت لا فىعموم اوقاتها مصطلمة اى مأخوذة عن شاهدها فلم يكن لها شعور بغير ربها غائبة عن الآثار لما استولى عليها من سلطان الفرح لمنة المولى عليها فلم تشهد الا الواحد القهار من غير اعتبار لغيره وهذا هو اكمل المقامات فى حالها وهو مقام ابينا ابراهيم عليه السلام اذ قال حسبى من سؤالى علمه بحالى والله المسؤل فى اتمام النعمة وحفظ الحرمة والثبات لمرادات الحق بالآداب اللائقة بها وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ثم قال فى التأويلات النجمية الطريق الى الله طريقان طريق اهل السلامة وطريق اهل الملامة فطريق اهل السلامة ينتهى الى الجنة ودرجاتها لانهم محبوسون فى حبس وجودهم وطريق اهل الملامة ينتهى الى الله تعالى لان الملامة مفتاح باب حبس الوجود وبها يذوب الوجود ذوبان الثلج بالشمس فعلى قدر ذوبان الوجود يكون الوصول الى الله تعالى فاكرم الله تعالى عائشة بكرامة الملامة ليخرجها بها من حبس الوجود بالسلامة وهذا يدل على ولايتها لان الله تعالى اذا تولى عبدا يخرجه من ظلمات وجوده المخلوقة الى نور القدم كما قال تعالى
{ الله ولى الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات الى النور } انتهى: قال الحافظ قدس سره

وفاكنيم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافر يست رنجيدن

وقال الجامى قدس سره

عشق درهر دل كه سازد بهروردت خانه اول از سنك ملامت افكند بنياد او