التفاسير

< >
عرض

ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ الزانية والزانى } شروع فى تفصيل ما ذكر من الآيات البينات وبيان احكامها والزنى وطىء المرأة من غير عقد شرعى وقد يقصر واذا مد يصح ان يكون مصدر المفاعلة والنسبة اليه زنوى كذا فى المفردات والزانية هى المرأة المطاوعة للزنى الممكنة منه كما ينبىء عنه الصيغة لا المزينة كرها وتقديمها على الزانى لما ان زنى النساء من اماء العرب كان فاشيا فى ذلك الزمان او لانها الاصل فى الفعل لكون الداعية فيها اوفر والشهوة اكثر ولولا تمكينها منه لم يقع ورفعها على الابتداء والخبر قوله { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط اذ اللام بمعنى الموصول والتقدير التى زنت والذى زنى. والجلد ضرب الجلد بالكسر وهو قشر البدن يقال جلده ضرب جلده نحو بطنه وظهره اذا ضرب بطنه وظهره او معنى جلده ضربه بالجلد نحو عصاه اذا ضربه بالعصا ومائة نصب على المصدر: والمعنى بالفارسية [بس بزنيد اى اهل واحكام هربكى را ازان هردو صد تازيانه] وكان هذا عاما فى المحصن وغيره وقد نسخ فى حق المحصن قطعا ويكفينا فى حق الناسخ القطع بانه عليه السلام قد رجم ما عزا وغيره فيكون من باب نسخ الكتاب بالسنة المشهورة فحد المحصن هو الرجم وحد غير المحصن هو الجلد.
وشرائط الاحصان فى باب الرجم ست عند ابى حنيفة الاسلام والحرية والعقل والبلوغ والنكاح الصحيح والدخول فلا احصان عند فقد واحدة منها وفى باب القذف الاربع الاول والعفة فمعنى قولهم رجم محصن اى مسلم حر عاقل بالغ متزوج وذو دخول ومعنى قولهم قذف محصنا اى مسلما حرا عاقلا بالغا عفيفا واذا فقدت واحدة منها فلا احصان { ولا تأخذكم بهما رأفة } رحمة ورقة، وفى البحر الرأفة ارق الرحمة: وبالفارسية [مهربانى كردن] وتنكيرها للتقليل اى لا يأخذكم بهما شىء من الرأفة قليل من هذه الحقيقة، وبالفارسية [وفرانكيرد شمارا باين روزناكننده مهربانى] { فى دين الله } فى طاعته واقامة حده فتعطلوه او تسامحوا فيه بعدم الايجاع ضربا والتكميل حدا وذلك ان المضروب يفعل اثناء الضرب افعالا غريبة ويتضرع ويستغيث ويسترحم وربما يغشى عليه فيرأف به الامام او الضارب او بعض الحاضرين لا سيما اذا كان احب الناس اليه كالولد والاخ مثلا فلا يستوفى حدالله وحقه ولا يكمل جلد مائة بل ينقصه بترك شىء منها او يخفف الضرب فنهاهم الله عن ذلك، وفيه تنبيه على ان الله تعالى اذا اوجب امرا قبح استعمال الرحمة فيه وفى الحديث
"يؤتى بوال نقص من حد سوطا فيقال لم نقصت فيقول رحمة لعبادك فيقال له انت ارحم منى انطلقوا به الى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقال لم زدت فيقول لينتهوا عن معاصيك فيقال له انت احكم منى فيؤمر به الى النار" ، قال فى الاسئلة المقحمة ان الله نهى عن الرأفة والرحمة وعلى هذا ان وجدنا واحدا بقلبه اشفاق على اخيه المسلم حيث وقع فى المعصية يؤاخذ بها والجواب انه لم يرد الرأفة الجبلية والرحمة الغريزية فانها لا تدخل تحت التكليف وانما اراد بذلك الرأفة التى تمنع عن اقامة حدود الله وتفضى الى تعطيل احكام الشرع فهى منهى عنها، قال فى بحر العلوم وفيه دلالة على ان المخاطبين يجب عليهم ان يجتهدوا فى حد الزنى ولا يخففوا الضرب بل يوجعوها ضربا وكذلك حد القذف عند الزهرى لاحد الشرب وعن قتادة يخفف فى حد الشرب والقذف ويجتهد فىحد الزنى { ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } من باب التهييج والتهاب الغضب لله ولدينه فان الايمان بهما يقتضى الجد فى طاعته والاجتهاد فى اجراء الاحكام.
قال الجنيدرحمه الله الشفقة على المخالفين كالاعراض عن الموافقين وذكر اليوم الآخر لتذكر ما فيه من العقاب فى مقابلة المسامحة والتعطيل وانما سمى يوم القيامة اليوم الآخر لانه يكون بعده ليل فيصير كله بمنزلة يوم واحد وقد قيل انه تجتمع الانوار كلها وتصير فى الجنة يوما واحدا وتجتمع الظلمات كلها وتصير فى النار ليلة واحدة { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } الشهود الحضور والعذاب الايجاع الشديد.
قال بعضهم التعذيب اكثار الضرب بعذبة السوط اى طرفه وقيل غير ذلك وفى تسميته عذابا دليل على انه عقوبة ويجوز ان يسمى عذابا لانه الم مانع من المعاودة كما سمى نكالا اى عقابا يردع عن المعاودة والطائفة فرقة يمكن ان تكون حافة حول الشىء وحلقة من الطوف والمراد به جمع يحصل به التشهير والزجر وقوله من المؤمنين لان الفاسق من صلحاء قومه اخجل وظاهر الامر الوجوب لكن الفقهاء قالوا بالاستحباب. والمعنى لتحضره زيادة فى التنكيل فان التفضيح قد ينكل اكثر مما ينكل التعذيب: وبالفارسية [وبايد كه حاضر شونددر وقت عذاب آن دوتن يعنى درزمان اقامت برايشان كروهى ازمؤمنان تاتشهيرايشان حاصل وآن تفضيح مانع كردد ازمعاودت بامثال آن عمل] فحد غير المحصن جلد مائة وسطا بسوط لاثمرة له ويجلد الرجل قائما وينزع عنه ثيابه الا ازاره ويفرق على بدنه الا رأسه ووجهه وفرجه وتجلد المرأة قاعدة لا ينزع من ثيابها الا الحشو والفرو وجاز الحفر لها لا له ولا يجمع بين جلد ورجم ولا بين جلد ونفى الا سياسة ويرجم مريض زنى ولا يجلد حتى يبرأ وحامل زنت ترجم حين وضعت وتجلد بعد النفاس وللعبد نصفها ولا يحده سيده الا باذن الامام خلافا للشافعى وفى الحديث
"اقامة حد بارض خير لاهلها من مطر اربعين ليلة" ، واعلم ان الزنى حرام وكبيرة ـ روى ـ حذيفة رضى الله عنه عنه عليه السلام يا معشر الناس اتقوا الزنى فان فيه ست خصال ثلاث فى الدنيا وثلاث فى الآخرة. اما التى فى الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر. واما التى فى الآخرة فسخط الله وسوء الحساب وعذاب النار ومن الزنى زنى النظر والنظرة سهم مسموم من سهام ابليس: وفى المثنوى

اين نظر ازدور جون تيراست وسم عشقت افزون ميكند صبر توكم

وفى التأويلات النجمية قوله { الزانية والزانى } يشير الى النفس اذا زنت وزناها بان استسلمت لتصرفات الشيطان والدنيا فيها بما نهاها الله عنه والى الروح اذا زنى وزناه تصرفه فى الدنيا وشهواتها مما نهاه الله عنه { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } من الجوع وترك الشهوات والمرادات تزكية لهما { وتأديبا ولا تأخذكم بها رأفة فى دين الله } يعنى اذا ادعيتم محبة الله فابغضوا مخالفى امره ولا ترحموا انفسكم وارواحكم على مخالفة الله فانهم يظلمون انفسهم بجهلهم بحالهم وان رحمتكم عليهم فى ترك تزكيتهم وتأديبهم كترك الوالد علاج ولده المريض شفقة عليه لينهكه المرض فادبوهما { ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } يشير الى شهود اهل الصحبة وان يزكى النفس ويؤدب الروح بمشهد شيخ واصل كامل ليحفظه من طرفى الافراط والتفريط ويهديه الى صراط مستقيم هو صراط يسلكه فيه

قطع اين مرحلة بنى همرهىء خضر مكن ظلما تست بترس از خطر كمراهى