التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٦
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ لقد انزلنا آيات مبينات } اى لكل مايليق بيانه من الاحكام الدينية والاسرار التكوينية { والله يهدى من يشاء } بالتوفيق للنظر الصحيح فيها والارشاد الى التأمل فى معانيها { الى صراط مستقيم } يعنى الاسلام الذى هو دين الله وطريقه الى رضاه وجنته.
وفى التأويلات النجمية اخبر عن سيرة هذه الدواب التى خلقت من الماء فقال
{ فمنهم من يمشى على بطنه } يعنى سيرته فى مشيه ان يضيع عمره فى تحصيل شهوات بطنه { ومنهم من يمشى على رجلين } اى يضيع عمره فى تحصيل شهوات فرجه فان كل حيوان اذا قصد قضاء شهوته يمشى على رجلين عند المباشرة وان كان له اربع قوائم { ومنهم من يمشى على اربع } اى يضيع عمره فى طلب الجاه لان اكثر طالبى الجاه يمشى راكبا على مركوب له اربع قوائم كالخيل والبغال الحمير كما قال تعالى { والخيل والبغال الحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون } من انواع المخلوقات على مقتضى حكمته ومشيئته الازليه لما يشاء كما يشاء اظهارا للقدرة ليعلم ان الله على خلق كل نوع من انواع المخلوقات والمقدورات قادر ـ ومن اخبار الرشيد ـ انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشهب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهواء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فاحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهواء معمور بامم مختلفه الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيئا على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك واكرمه { لقد انزلنا آيات مبينات } اى انزلنا القرآن مبينات آياته ماخلقنا من كل نوع من انواع الانسان المذكورة اوصافهم ولكنهم لو وكلوا الى ما جبلوا عليه لما كانوا يهتدون الا الى هذه الاوصاف التى جبلوا عليها ولا يهتدون الى صراط مستقيم هو صراط الله بارادتهم ومشيئتهم { والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم } يصل به الى الحضرة بمشيئة الله وارادته الازلية تسأل الله الهداية الى سواء الطريق والتوفيق لجادة التحقيق.