التفاسير

< >
عرض

وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون
٥٢
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ ومن } [وهركه] { يطع الله ورسوله } اى من يطعهما كائنا من كان فيما امرا به من الاحكام الشرعية اللازمة والمتعدية { ويخش الله } على ما مضى من ذنوبه ان يكون مأخوذا بها { ويتقه } فيما بقى من عمره واصله يتقيه فحذف الياء للجزم فصار يتقه بكسر القاف والهاء ثم سكن القاف تخفيفا على خلاف القياس لان ما هو على صيغة فعل انما يسكن عينه اذا كانت كلمة واحدة نحو كتف فى كتف ثم اجرى ما اشبه ذلك من المنفصل مجرى المتصل فان تقه فى قولنا يتقه بمنزلة كتف فسكن وسطه كما سكن وسط كتف { فاولئك } الموصوفون بالطاعة والخشية والاتقاء { هم الفائزون } بالنعيم المقيم لامن عداهم. والفوز الظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات [در كشاف أورده كه ملكى از علما التماس آيتى كردكه بدان عمل كافى باشد ومحتاج بآيات ديكر نباشد علماى عصراو وبرين آيت اتفاق كردند جه حصول فوز وفلاح جزبفرمان بردارى وخشيت وتقوى ميسر نيست]

اينك ره اكر مقصد اقصى طلبى وينك عمل ار رضاى مولى طلبى

فلابد من الاطاعة لله ولرسوله فى اداء الفرائض واجتناب المحارم فقد دعا الله تعالى فلا بد من الاجابة، قال ابن عطاءرحمه الله الدعوة الى الله بالحقيقة والدعوة الى الرسول بالنصيحة فمن لم يجب داعى الله كفر ومن لم يجب داعى الرسول ضل وسبب عدم الاجابة المرض، قال الامام الراغب المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالانسان وذلك ضربان جسمى وهو المذكور فى قوله تعالى { ولاعلى المريض حرج } والثانى عبارة عن الرذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق ونحوها من الرذائل الخلقية نحو قوله تعالى { فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } ويشبه النفاق والكفر وغيرهما من الرذائل بالمرض اما لكونها مانعة عن ادراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل واما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة فى قوله تعالى { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } واما لميل النفس بها الى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض الى الاشياء المضرة انتهى و فى الحديث "لايؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" معناه لايبلغ العبد كمال الايمان ولا يستكمل درجاته حتى يكون ميل نفسه منقادا لما جاء به النبى عليه السلام من الهدى والاحكام ثم ان حقيقة الاطاعة والاجابة انما هى بترك ما سوى الله والاعراض عما دونه فمن اقبل على غيره فهو لأفات عرضت له وهى انحراف مزاج قلبه عن فطرة الله التى فطر الناس عليها من حب الله وحب الآخرة والشك فى الدين بمقالات اهل الاهواء والبدع من المتفلسفين والطبائعيين والدهريين وغيرهم من الضلال وخوف الحيف بان يأمره الله ورسوله بترك الدنيا ونهى النفس عن الهوى وانواع المجاهدات والرياضات المؤدية الى تزكية النفس وتصفية القلب لتحلية الروح بحلية اخلاق الحق والوصول الى الحضرة ثم لا يوفيان بما وعدا بقوله { للذين احسنوا الحسنى وزيادة } ويظلمان عليه بعدم اداء حقوقه اما علم ان الله لا يظلم مثقال ذرة.