التفاسير

< >
عرض

لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٦٣
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم } المصدر مضاف الى الفاعل اى لاتجعلوا دعوته وامره اياكم فى الاعتقاد والعمل بها { كدعاء بعضكم بعضا } اى لا تقيسوا دعوته اياكم الى شىء من الامور على دعوة بعضكم بعضا فى جواز الاعراض والمساهلة فى الاجابة والرجوع بغير اذن فان المبادرة الى اجابته واجبة والمراجعة بغير اذنه محرمة، وقال بعضهم المصدر مضاف الى المفعول والمعنى لاتجعلوا نداءكم اياه وتسميتكم له كنداء بعضكم بعضا باسمه مثل يا محمد ويا ابن عبدالله ورفع الصوت به والنداء وراء الحجرة ولكن بلقبه المعظم مثل يانبى الله ويارسول الله كما قال تعالى { ياايها النبى } } { { ياايها الرسول } قال الكاشفى [حضرت عزت همه انبيارا بنداى علامت خطاب كرده وحبيب خودرا بنداى كرامت]

يا آدمست با بدرانبيا خطاب يا ايها النبى خطاب محمد است

قال ابو الليث فى تفسيره وفى الآية بيان توقير معلم الخير لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معلم الخير فامر الله بتوقيره وتعظيمه وفيه معرفة حق الاستاذ وفيه معرفة اهل الفضل، قال فى حقائق البقلى احترام الرسول من احترام الله ومعرفته من معرفة الله والادب فى متابعته من الادب مع الله.
وفى التأويلات النجمية يشير الى تعظيم المشايخ فان الشيخ فى قومه كالنبى فى امته اى عظموا حرمة الشيوخ فى الخطاب واحفظوا فى خدمتهم الادب وعلقوا طاعتهم على مراعاة الهيبة والتوقير { قد يعلم الله الذين يتسللون منكم } قد للتحقيق بطريق الاستعارة لاقتضاء الوعيد اياه كما ان رب يجيىء للتكثير وفى الكواشى قد هنا موذنة بقلة المتسللين لانهم كانوا اقل من غيرهم، والتسلل الخروج من البين على التدريج والخفية يقال تسلل الرجل اى انسرق من الناس وفارقهم بحيث لايعلمون والمعنى يعلم الله الذين يخرجون من الجماعة قليلا قليلا على خفية { لواذا } هو ان يستتر بشىء مخالفة من يراه كما فى الوسيط، قال فى القاموس اللوذ بالشىء الاستتار والاحتصان به كاللواذا مثلثة انتهى. والمعنى ملاوذة بان يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج او بان يلوذ بمن يخرج بالاذن، اراءة انه من اتباعه وانتصابه على الحالية من ضمير يتسللون اى ملاوذين او على انه مصدر مؤكد بفعل مضمر هو الجللة فى الحقيقة اى يلاوذون لواذا وهو عام للتسلل من صف القتال ومن المسجد يوم الجمعة وغيرهما من المجامع الحقة، وقال بعضهم كان يثقل على المنافقين خطبة النبى يوم الجمعة فيلوذون ببعض اصحابه او بعضهم ببعض فيخرجون من المسجد فى استتار من غير استئذان فاوعدهم الله تعالى بهذه الآية { فليحذر الذين يخالفون عن امره } يخالفون امره بترك مقتضاه ويذهبون سمتا بخلاف سمته وعن لتضمينه معنى الاعراض والميل والضمير لله لانه الآمر حقيقة او للرسول لانه المقصود بالذكر { ان } اى من ان { تصيبهم } [برسدبريشان] { فتنة } محنة فى الدنيا فى البدن او فى المال او فى الولد كالمرض والقتل والهلاك وتسلط السلطان، قال الكاشفى [يامهرغفلت بردل ياروى توبة.جنيد قدس سره فرموده كه فتنة سختىء دلست ومتأثر ناشدن او ازمعرفت آلهى] { او يصيبهم عذاب اليم } اى فى الآخرة، وفى الجلالين { ان تصيبهم فتنة } بلية تظهر نفاقهم { او يصيبهم عذاب اليم } عاجل فى الدنيا انتهى وكلمة او لمنع الخلودون الجمع واعادة الفعل صريحاً للاعتناء بالتحذير وفى ترتيب العذابين على المخالفة دلالة على ان الامر للوجوب.
وفى التأويلات النجمية { فليحذر الذين يخالفون عن امره } اى عن امر شيخهم { ان تصبيهم فتنة } من موجبات الفترة بكثرة المال او قبول الخلق او التزويج بلا وقته او السفر بلا امر الشيخ او مخالفة الاحداث و النسوان والافتتان بهم او صحبة الاغنياء او التردد على ابواب الملوك او طلب المناصب او كثرة العيال فان الاشتغال بما سوى الله فتنة { او يصيبهم عذاب اليم } بالانقطاع عن الله ا نتهى، وفى حقائق البقلى الفتنة ههنا والله اعلم فتنة صحبة الاضداد والمخالفين والمنكرين وذلك ان من صاحبهم يسوء ظنه باولياء الله لانهم اعداء الله واعداء اوليائه يقعون كل وقت فى الحق ويقبحون احوالهم عند العامة لصرف وجوه الناس اليهم وهذه الفتنة اعظم الفتن، قال ابو سعيد الحراز ورحمه الله الفتنة هى اسباغ النعم مع الاستدراج من حيث لا يعلم العبد، وقال رويم الفتنة للعوام والبلاء للخواص، وقال ابو بكر بن طاهر الفتنة مأخوذ بها والبلاء معفو عنه ومثاب عليه.