التفاسير

< >
عرض

إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
١٢
-الفرقان

روح البيان في تفسير القرآن

{ اذا رأتهم } صفة للسعير اى اذا كانت تلك السعير بمرأى منهم وقابلتهم بحيث صاروا بازائها كقولهم دارى تنظر دارك اى تقابلها فاطلق الملزوم وهو الرؤية واريد اللازم وهو كون الشىء بحيث يرى والانتقال من الملزوم الى اللازم مجاز { من مكان بعيد } هو اقصى مايمكن ان يرى منه قيل من المشرق الى المغرب وهى خمسمائة عام، وفيه اشارة بان بعد مابينها وبينهم من المسافة حين رأتهم خارج عن حدود البعد المعتاد من المسافات المعهودة { سمعوا لها تغيظا } اى صوت تغيظ على تشبيه صوت غليانها بصوت المغتاظ اى الغضبان اذا غلى صدره من الغيظ فعند ذلك يهمهم والهمهمة ترديد الصوت فى الصدر، قال ابن الشيخ يقال اما رأيت غضب الملك اذا رأى ما يدل عليه فكذا ههنا ليس المسموع التغيظ وهو اشد الغضب بل ما يدل عليه من الصوت، وفى المفردات التغيظ اظهار الغيظ وهو اشد الغضب وقد يكون ذلك مع صوت مسموع والغضب هو الحرارة الى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه { وزفيرا } وهو صوت يسمع من جوفه واصله ترديد النفس حتى ينتفخ الضلوع منه، قال عبيد بن عمير ان جهنم لتزفر زفرة لايبقى نبى مرسل ولا ملك مقرب الا خرّ لوجهه ترعد فرائصهم حتى ان ابراهيم عليه السلام ليجثوا على ركبتيه ويقول يارب يارب لا اسألك الا نفسى، قال اهل السنة البنية ليست شرطا فى الحياة فالنار على ماهى عليه يجوز ان يخلق الله فيها الحياة والعقل والرؤية والنطق، يقول الفقير وهو الحق كا يدل عليه قوله تعالى { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } فلا احتياج الى تأويل امثال هذا المقام.