التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً
٢١
-الفرقان

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقال الذين لايرجون لقاءنا } اصل الرجاء ظن يقتضى حصول مافيه مسرة واللقاء يقال فى الادراك بالحس بالبصر وبالبصيرة وملاقاة الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه تعالى اى الرجوع الى حيث لاحاكم ولا مالك سواه. والمعنى وقال الذين لايتوقعون الرجوع الينا اى ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء وهم كفار اهل مكة، وفى تاج المصادر الرجاء [اميد داشتن وترسيدن] انتهى فالمعنى على الثانى بالفارسية [نمى ترسند ازديدن عذاب ما] { لولا } حرف تحضيض بمعنى هلا ومعناها بالفارسية [جرا] { انزل علينا الملائكة } [فروفرستاده نمى شو دبر مافرشتكان] اى بطريق الرسالة لكون البشرية منافية للرسالة بزعمهم { اونرى ربنا } جهرة وعيانا فيأمرنا بتصديق محمد واتباعه لان هذا الطريق احسن واقوى فى الافضاء الى الايمان وتصديقه ولما لم يفعل ذلك علمنا انه ما اراد تصديقه.
ومن لطائف الشيخ نجم الدين فى تأويلاته أنه قال يشير الى ان الذين لايؤمنون بالآخرة والحشر من الكفرة يتمنون رؤية ربهم بقولهم { او نرى ربنا } فالمؤمنون الذين يدعون انهم يؤمنون بالآخرة والحشر كيف ينكرون رؤية ربهم وقد ورد بها النصوص فلمنكرى الحشر عليهم فضيلة بانهم طلبوا رؤية ربهم وجوزوها كما جوزوا انزال الملائكة ولمنكرى الرؤية ممن يدعى الايمان شركة مع منكرى الحشر فى جحد ما ورد به الخبر والنقل لان النقل كما ورد بكون الحشر ورد بكون الرؤية لاهل الايمان { لقد استكبروا } اللام جواب قسم محذوف اى والله لقد استكبروا، والاستكبار ان يشبع فيظهر من نفسه ماليس له اى اظهروا الكبر باطلا { فى انفسهم } اى فى شأنها يعنى وضعوا لانفسهم قدرا ومنزلة حيث ارادوا لانفسهم الرسل من الملائكة ورؤية الرب تعالى، وقال الكاشفى [بخداى كه بزركى كردند در نفسهاى خود يعنى تعاظم ورزيدن وجراءت نمودن درين تحكم] { وعتوا } اى تجاوزوا الحد فى الظلم والطغيان والعتوا الغلو والنبو عن الطاعة { عتوّا كبيرا } بالغا الى اقصى غاياته من حيث عاينوا المعجزات القاهرة واعرضوا عنها واقترحوا لانفسهم الخبيثة معاينة الملائكة الطيبة ورؤية الله تعالى التى لم ينلها احد فى الدنيا من افراد الامم وآحاد الانبياء غير نبينا عليه السلام وهو انما رآه تعالى بعد العبور عن حد الدنيا وهو الافلاك السبعة التى هى من عالم الكون والفساد، وفى الوسيط انما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لانهم طلبوها فى الدنيا عنادا للحق واباء على الله ورسوله فى طاعتهما فغلوا فى القول والكفر غلوا شديدا، وفى الاسئلة المقحمة فاذا كان رؤية الله جائزة فكيف وبخهم على سؤالهم لها قلنا التوبيخ بسبب انهم طلبوا مالم يكن لهم طلبه لانهم بعد ان عاينوا الدليل قد طلبوا دليلا آخر ومن طلب الدليل بعد الدليل فقد عتا عتوا ظاهرا ولانهم كلفوا الايمان بالغيب فطلبوا رؤية الله وذلك خروج عن موجب الامر وعن مقتضاه فان الايمان عند المعاينة لايكون ايمانا بالغيب فلهذا وصفهم بالعتو.