التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
٦
-الفرقان

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل } يا محمد ردا عليه وتحقيقا للحق { أنزله الذى يعلم السر } الغيب { فى السموات والارض } لانه اعجزكم لفصاحته عن آخركم وتضمن اخبارا عن مغيبات مستقبله او اشياء مكنونة لا يعلمها الا عالم الاسرار فكيف تجعلونه اساطير الاولين { انه كان غفورا رحيما } اى انه تعالى ازلا وابدا مستمر على المغفرة والرحمة فلذلك لايعجل على عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته عليها واستحقاقكم ان يصب عليكم العذاب صبا، وفيه اشارة الى ان اهل الضلالة من الذين نسبوا القرآن الى الافك لو رجعوا عن قولهم وتابوا الى الله يكون غفورا لهم رحيما بهم كما قال تعالى { وانى لغفار لمن تاب } }

در توبه بازست وحق دستكير

اعلم ان الله تعالى أنزل القرآن على وفق الحكمة الازلية فى رعاية مصالح الخلق ليهتدى به اهل السعادة الى الحضرة وليضل به اهل الشقاوة عن الحضرة وينسبوه الى الافك كما قال تعالى { واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم } والقرآن لا يدرك الا بنور الايمان والكفر ظلمة وبالظلمة لايرى الا الظلمة فبظلمة الكفر رأى الكفار القرآن النورانى القديم كلاما مخلوقا ظلمانيا من جنس كلام الانس فكذلك اهل البدعة لما رأوا القرآن بظلمة البدعة رأوا كلاما مخلوقا ظلمانيا بظلمة الحدوث وظلموا انفسهم بوضع القرآن فى غير موضعه من كلام الانس وفى الحديث "القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق فمن قال بكونه مخلوقا فقد كفر بالذى انزله" نسأل الله العصمة والحفظ من الالحاد وسوء الاعتقاد، ثم اعلم ان الامور اللازمة تعليم الجهلاء ورد الملاحدة والمبتدعة فانه كوضع الدواء على جراحة المجروح او كقتل الباغى المضر وردهم بالاجوبة القاطعة مما لايخالف الشريعة والطريقة ألا ترى ان الله تعالى امر حبيبه عليه السلام بالجواب للطاعنين فى القرآن وقد اجاب السلف عمن اطال على القرآن وذهب على حدوثه ومخلوقيته وكتبوا رسائل وكذا علماء كل عصر جاهدوا المخالفين بما امكن من المعارضة حتى ألقموهم الحجر وافحموهم وخلصوا الناس من شبهاتهم وشكوكهم وفى الحديث "من انتهر" اى منع "بكلام غليظ صاحب بدعة سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل ملأ الله تعالى قلبه امنا وايمانا ومن اهان صاحب بدعة آمنه الله تعالى يوم القيامة من الفزع الاكبر" اى النفخة الاخيرة التى تفزع الخلائق عندها او الانصراف الى النار أو حين يطبق على النار او يذبح الموت واطلق الا من فى صورة الانتهار والمراد الامن فى الدنيا مما يخاف خصوصا من مكر من انتهره ويدل عليه مابعده وهو الايمان فانه من مكاسب الدنيا نسأل الله الامن والامان وكمال الايمان والقيام باوامره والاتعاظ بمواعظه وزواجره.