التفاسير

< >
عرض

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ
١٢٨
-الشعراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ اتبنون } الهمزة للاستفهام الانكارى. والمعنى بالفارسية [آي بنا ميكنيد] { بكل ريع } [بهرموضعى بكند] والريع بكسر الراء وفتحها جمع ريعة وهو المكان المرتفع ومنه استعير ريع الارض للزيادة والارتفاع الحاصل منها { آية } بناء عاليا متميزا عن سائر الابنية حال كونكم { تعبثون } ببنائه فان بناء مالا ضرورة فيه وما كان فوق الحاجة عبث ـ "روى ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قبة مشرفة فقال ماهذه قال له اصحابه هذه لرجل من الانصار فمكث وحملها فى نفسه حتى اذا جاء صاحبها رسول الله فسلم فى الناس اعرض عنه وصنع به ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والاعراض عنه فشكا ذلك الى اصحابه فقال والله انى لانكر نظر رسول الله ماادرى ما حدث فىّ ما صنعت قالوا خرج رسول الله فرأى قبتك فقال لمن هذه فاخبرناه فرجع الى قبته فسواها بالارض فخرج النبى عليه السلام ذات يوم فلم ير القبة فقال مافعلت القبة التى كانت ههنا قالوا شكا الينا صاحبها اعراضك عنه فاخبرناه فهدمها فقال ان كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة الا مالا بد منه" هذا ماعليه الامام الراغب وصاحب كشف الاسرار وغيرهما. وقال فى الجلالين ونحوه { آية } يعنى ابنية الحمام وبروجها: وبالفارسية [كبوترخانها] انكر هود عليهم اتخاذهم بروج الحمام عبثا ولعبهم بها كالصبيان. قال فى نصاب الاحتساب من اللعب الذى يحتسب بسببه اللعب بالحمام. قال محمد السفلة من يلعب بالحمام ويقامر. وفى شرح القهستانى ولا بأس بحبس الطيور والدجاج فى بيته ولكن يعلفها وهو خير من ارسالها فى السكك. واما امساك الحمامات فى برجها فمكروه اذا اضر بالناس. وقال ابن مقاتل يجب على صاحبها ان يحفظها ويعلفها انتهى. وفى التتار خانية ولايجوز حبس البلبل والطوطى والقمرى ونحوها فى القفص اى اذا كان الحبس لاجل اللهو واللعب. واما اذا كان لاجل الانتفاع كحبس الدجاج والبط والاوز ونحوها لتسمن او لئلا تضر بالجيران فهو جائز وكذا حبس سباع الطيور لاجل الاصطياد. وفى فتاوىء قارىء الهداية هل يجوز حبس الطيور المغردة وهل يجوز اعتاقها وهل فى ذلك ثواب وهل يجوز قتل الوطاويط لتلويثها حصير المسجد بخرئها الفاحش اجاب يجوز حبسها للاستئناس بها. واما اعتاقها فليس فيه ثواب وقتل المؤذى من الدواب يجوز انهى وفى الحديث "لاتحضر الملائكة شيئا من الملاهى سوى النضال والرهان" اى المسابقة بالرمى والفرس والابل والارجل. وقال بعضهم فى الآية تعبثون بمن مرّ بكم لانهم كانوا يبنون الغرف فى الاماكن العالية ليشرفوا على المارة فيسخرون منهم ويعبثون بهم. وذهب بعض من عدّ من اجلاء المفسرين الى ان المعنى { آية } الا علامة للمارة تعبثون ببنائها فانهم كانوا يبنون اعلاما طوالا لاهتداء المارة فعد ذلك عبثا لاستغنائهم عنها بالنجوم. قال سعدى المفتى فيه بحث اذ لانجوم بالنهار وقد يحدث فى الليل مايستر النجوم من الغيوم انتهى. يقول الفقير وايضا ان تلك الاعلام اذا كانت لزيادة الانتفاع بها كالاميال بين بغداد ومكة مثلا كيف تكون عبثا فالاهتداء بالنهار اما بالاعلام واما بشم التراب كما سبق فى الجلد الاول