التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٦٨
-الشعراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان ربك لهو العزيز } الغالب المنتقم من اعدائه كفرعون وقومه { الرحيم } باوليائه كموسى وبنى اسرائيل. يقول الفقير هذا هو الذى يقتضيه ظاهر السوق فان قوله تعالى { ان فى ذلك } الخ ذكر فى هذه السورة فى ثمانية مواضع. اولها فى ذكر النبى عليه السلام وقومه كما سبق وذكر النبى عليه السلام وان لم يتقدم صريحا فقد تقدم كناية. والثانى فى قصة موسى ثم ابراهيم ثم نوح ثم هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب عليهم السلام فتعقيب القول المذكور بكل قصة من هذه القصص يدل على ان المراد بالاكثر هو من لم يؤمن من قوم كل نبى من الانبياء المذكورين وقد ثبت فى غير هذه المواضع ايضا ان اكثر الناس من كل امة هم الكافرون فكون كل قصة آية وعبرة انما يعتبر بالنسبة الى من شاهد الوقعة ومن جاء بعدهم الى قيام الساعة فيدخل فيهم قريش لانهم سمعوا قصة موسى وفرعون مثلا من لسان النبى عليه السلام فكانت آية لهم مع ان بيانها من غير ان يسمعها من احد آية اخرى موجبة للايمان حيث دل على ان ما كان الا بطريق الوحى الصادق نعم ان قوله تعالى { ان فى ذلك } اذا كان اشارة الى جميع ماجرى بين موسى وفرعون مثلا كان غير الانجاء والغرق آية للمغرقين ايضا وبذلك يحصل التلاؤم الاتم بما يعده فافهم جدا. وقد رجح بعضهم رجوع ضمير اكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام فيكون المعنى ان فى ذلك المذكور لآية لاهل الاعتبار كما كان فى المذكور فى اول السورة آية ايضا وما كان اكثر هؤلاء الذين يسمعون قصة موسى وفرعون وهم اهل مكة مؤمنين لعدم تدبرهم واعتبارهم فليحذروا عن ان يصيبهم مثل مااصاب آل فرعون وان ربك لهو لعزيز الغالب على مااراد من انتقام المكذبين الرحيم البالغ فى الرحمة ولذلك يمهلهم ولايجعل عقوبتهم بعدم ايمانهم بعد مشاهدة هذه الآيات العظيمة بطريق الوحى مع كمال استحقاقهم لذلك. وفى الآية تسلية للنبى عليه السلام لانه كان قد يغتم قلبه المنير بتكذيب قومه مع ظهور المعجزت على يديه فذكر له امثال هذه القصص ليقتدى بمن قبله من الانبياء فى الصبر على عناد قومه والانتظار مجيىء الفرج كما قيل اصبروا تظفروا كما ظفروا: قال الحافظ

سروش علم غيبم بشارتى خوش داد كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهد ماند