التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٥
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد } اى وبالله قد { آتينا } اعطينا { داود وسليمن } اى كل واحد منهما. قال فى مشكاة الانوار قالت نملة لسليمان عليه السلام يانبى الله أتدرى لم صار اسم ابيك داود واسمك سليمان قال لا قالت لان اباك داوى قلبه عن جراحة الالتفات الى غير الله فوّد وانت سليم تصغير سليم آن لك اى حان لك ان تلحق بابيك { علما } اى طائفة من العلم لائقة به من علم الشرائع والاحكام وغير ذلك مما يختص بكل منهما كصنعة لبوس وتسبيح الجبال ومنطق الطير والدواب فان الله تعالى علم سبعة نفر سبعة اشياء. علم آدم اسماء الاشياء فكان سببا فى حصول السجود والتحية. وعلم الخضر علم الفراسة فكان سببا لان وجد تلميذا مثل موسى ويوشع. وعلم يوسف التعبير فكان سببا لوجدان الاهل والمملكة. وعلم داود صنعة الدروع فكان سببا لوجدان الرياسة والدرجة. وعلم سليمان منطق الطير فكان سببا لوجدان بلقيس. وعلم عيسى الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل فكان سببا لزوال التهمة عن الشر. وعلم محمدا صلى الله عليه وسلم الشرع والتوحيد فكان سببا لوجود الشفاعة. وقال لما وردى المراد بقوله { علما } علم الكيمياء وذلك لانه من علوم الانبياء والمرسلين والاولياء العارفين كما قال حضرة مولانا قدس سره الاعلى

از كرامات بلند اوليا اولا شعر ست وآخر كيميا

والكيمياء فى الحقيقة القناعة بالموجود وترك التشوف الى المفقود

كيميايى ترا كنم تعليم كه دراكسير ودرصناعت نيست
رو قناعت كزين كه در عالم كيمايى به از قناعت نيست

قال فى كشف الاسرار [داود از انبياء بنى اسرائيل بود از فر زندان يهوذا بن يعقوب وروز كاروى بعد از روز كار موسى بود بصد هفتاد ونه سال وملك وى بعد ازملك طالوت بود وبنى اسرائيل همه بتبع وى شدند وملك بروى مستقيم كشت اينست رب العالمين كفت { وشددنا ملكه } هرشب سى وهزار مرد از بزركان بنى اسرائيل اورا حارس بودند وباوى ملك علم بود ونبوت جنانكه كفت جل جلاله { آتينا داود وسليمان علما } وحكم كه راندند وعمل كه كردند از احكام توراة كردندكه كتاب وى زبور همه موعظت بود دران احكام امر ونهى نبود]. قال ابن عطاء قدس سره { علما }اى علما بربه وعلما بنفسه واثبت لهما علمهما بالله علم انفسهما واثبت لهما وعلمهما بانفسهما حقيقة العلم بالله لذلك. قال امير المؤمنين على بن ابى طالب رضى الله عنه "من عرف نفسه فقد عرف ربه"

بروجود خداى عز وجل هست نفس توحجت قاطع
جون بدانى تونفس را دانى كوست مصنوع وايزدش صانع

واعلم ان العلم علمان علم البيان هو مايكون بالوسائط الشرعية وعلم العيان هو مايستفاد من الكشوفات الغيبية فالمراد بقوله عليه السلام "سائل العلماء وخالط الحكماء وجالس الكبراء" اى سائل العلماء بعلم البيان فقط عند الاحتياج الى الاستفتاء منهم وخالط العلماء بعلم العيان فقط وجالس الكبراء بعلم البيان والاحكام وعلم المكاشفة والاسرار فامر بمجالستهم لان فى تلك المجالسة منافع الدنيا والآخرة

توخود بهترى جوى وفرصت شمار كه باجون خودى كم كنى روزكار

{ وقالا } اى كل واحد منهما شكرا لما اوتيه من العلم { الحمد لله الذى فضلنا } بما آتانا من العلم { على كثير من عباده المؤمنين } على ان عبارة كل منهما فضلنى الا انه عبر عنهما عند الحكاية بصيغة المتكلم مع الغير ايجازا وبهذا ظهر حسن موقع العطف بالواو اذ المتبادر من العطف بالفاء ترتب حمد كل منهما على ايتاء مااوتى كل منهما لا على ايتاء مااوتى نفسه فقط. وقال البيضاوى عطفه بالواو اشعارا بان ماقالاه بعض مااتيابه فى مقابلة هذه النعمة كأنه قال ففعلا شكرا له مافعلا وقالا الحمد لله الخ انتهى والكثير المفضل عليه من لم يؤت مثل علمهما لا من لم يؤت علما اصلا فانه قد بين الكثير بالمؤمنين وخلوهم من العلم بالكلية مما لايمكن وفى تخصيصهما الكثير بالذكر رمز الى ان البعض متفضلون عليهما. وفيه اوضح دليل على فضل العلم وشرف اهله حيث شكرا على العلم وجعلاه اساس الفضل ولم يعتبرا دونه مااوتيا من الملك الذى لم يؤته غيرهما وتحريض للعلماء على ان يحمدوا الله تعالى على ماآتاهم من فضله ويتواضعوا ويعتقدوا انهم وان فضلوا على كثير فقد فضل عليهم كثير وفوق كل ذى علم عليم ونعم ماقال امير المؤمنين عمر رضى الله عنه كل الناس افقه من عمر
وفى الآية اشارة الى داود الروح وسليمان القلب وعلمهما الالهام الربانى وعلم الاسماء الذى علم الله آدم عليه السلام وحمدهما على مافضلهما على الاعضاء والجوارح المستعملة فى العبودية فان شأن الاعضاء العبودية والعمل وشأن الروح والقلب العلم والمعرفة وهو اصل.
"وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن افضل الاعمال فقال العلم بالله والفقه فى دينه وكررهما عليه فقال يارسول الله اسألك عن العمل فتخبرنى عن العلم فقال ان العلم ينفعك معه قليل العمل وان الجهل لاينفعك معه كثير العمل" والمتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة. قال فتح الموصلى قدس سره أليس المريض اذا منع عنه الطعام والشراب والدواء يموت فكذا القلب اذا منع عنه العلم والفكر والحكمة يموت ثم ان الامتلاء من الاغذية الظاهرة يمنع التغذى بالاغذية الباطنة كما قال الشيخ سعدىرحمه الله [عابدى حكايت كنندكه هرشب ده من طعام بخوردى وتا بسحر ختمى درنماز بكردى صاحب دلى بشند وكفت اكر نيم نان بخوردى وبخفتى بسيار ازين فاضلتربودى]

اندرون از طعام خالى دار تادرو نو ومعرفت بينى
نهى از حكمتى بعلت آن كه يرى از طعام تابينى

وكذا العجب والكبر يمنع النور الصفاء كما قال فى البستان

ترا كى بود جون جراغ التهاب كه از خود برى همجو قنديل از آب

فاذا اصلح المرء ظاهره بالشريعة وباطنه بالطريقة كان مستعدا لفيض العلم الذى اوتوه الانبياء والاولياء وفضلوا بذلك على مؤمنى زمانهم وهذا التفضيل سبب لمزيد الحمد والشكر لله تعالى فان الثناء بقدر الموهبة والعطية نحمد الله تعالى على آلائه ونعمائه ونستزيد العلم وقطراته من دأمائه ونسأله التوفيق فى طريق التحقيق والثبات على العمل الصالح بالعلم النافع الذى هو للهوى قامع وللشهوات دافع انه المفضل المنعم الكبير والوهاب الفياض الرحيم