التفاسير

< >
عرض

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ
١٩
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ فتبسم } التبسم اول الضحك وهو مالا صوت له اى تبسم حال كونه { ضاحكا من قولها } شارعا فى الضحك من قولها وآخذا فيه اراد انه بالغ فى تبسمه حتى بلغ نهايته التى هى اول مراتب الضحك فهو حال مقدرة او مؤكدة على معنى تبسم متعجبا من حذرها وتحذيرها واهتدائها الى مصالحها ومصالح بنى نوعها فان ضحك الانبياء التبسم والانسان اذا رأى او سمع مالا عهد له به يتعجب ويتبسم، قال بعضهم ضحك سليمان كان ظاهره تعجبا من قول النملة وباطنه فرحا بما اعطاه الله من فهم كلام النملة وسرورا بشهرة حاله وحال جنوده فى باب التقوى والشفقة فيما بين اصناف المخلوقات فانه لايسر نبى بامر دنيا وانما كان يسر بما كان من امر الدين ـ روى ـ انها احست بصوت الجنود ولم تعلم انهم فى الهواء او على الارض ولذا خافت من الحطم فامر سليمان الريح فوقفت لئلا يذعرن حتى دخلن مساكنهن، وقال فى الوسيط هذا اى قوله وهم لايشعرون يدل على ان سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الارض ولم تحملهم الريح لان الريح لو حملتهم بين السماء والارض ماخافت النمل ان يطأوها بارجلهم ولعل هذه القصة كانت قبل تسخير الله الريح لسليمان انتهى وروى ان سليمان لما سمع قول النملة قال ائتونى بها فاتوا بها [كفت اى مورجه ندانستى كه لشكر من ستم نكنند كفت دانستم اما مهتراين قومم مرا ازنصيحت ايشان جاره نيست كفت لشكر من برهو بودند جه كونه قوم ترا بايمال كردندى جواب دادكه غرض من آن نبودكه برزمين شكسته شوندمراد من آن بودكه ناكاه نظر بركبكبه ودبدبه توكنند وبنظاره لشكر تو مشغول شده از ذكر خداى تعالى بازمانند ودرميدان غفلت بايمال خذلان كردند مملكت توبينند وآرزوى دردنيا دردل ايشان بديد آيد ودنيا مبغوضه حق است] فقال لها سليمان عظينى فقالت أعلمت لم سمى ابوك داود قال لا قالت لانه داوى جراحة قلبه وهل تدرى لم سميت سليمان قال لا قالت لانك سليم الصدر والقلب [دركشف الاسرار آورده كه سليمان ازوى برسيدكه لشكر توجند است كفت من جهار هزار سر هنك دارم زير دست هريكى جهل هزار نقيب است وزيردست هرنقيبى جهل هزارمور كفت جرا لشكر خودرا بيرون نيارى جواب دادكه يانبى الله مارا روى زمين ميدادند اختيار نكرديم ودر زير زمين جاى كرفتيم تابجز خداى تعالى حال مارا نداند آنكه كفت اى بيغمبر خدا ازعطاها كه خداى تعالى ترا داده يكى بكو كفت بادرا مركب من ساخته اند { غدوها شهر ورواحها شهر } كفت دانى كه اين جه معنى دارد يعنى هرجه ترا دادم از مملكت دنيا همه جون بادست در آيد ونيايد "فمن اعتمد على الدنيا فكانما اعتمد على الريح" ودرين معنى شيخ سعدى كفته

نه برباد رفتى سحر كاه وشام سرير سليمان عليه السلام
بآخر نديدى كه بربادى رفت خنك آنكه بادانش وداد رفت

سليمان عليه السلام بعد از استماع اين كلام روى بمناجات ملك علام كرد وكفت] { قال رب اوزعنى ان اشكر نعمتك } همزة اوزع للتعدية. والوزع بمعنى الكف والمنع من التفرق والانتشار كما سيق. والمعنى اجعلنى ازع شكر نعمتك عندى واكفه واربطه لاينفلت عنى بحيث لا انفك عن شكرك اصلا. سأل عليه السلام ان يجعله الله وازعا لجيش شكره فتشبيه الشكر بالجملة النافرة استعارة مكنية واثبات الوزع والربط تخييل وقرينة لذلك التشبيه وفى الحديث "النعمة وحشية قيدوها بالشكر" فانها اذا شكرت قرت واذا كفرت فرت. ومن كلمات امير المؤمنين على كرم الله وجهه اذا وصلت اليكم اطراف النعم فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر اى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه حرم النعم البعيدة عنه

جون بيابى تونعمتى ورجند خرد باشد جو نفقطه موهوم
شكر آن يافته فرو مكذار كه زنايافته شوى محروم

{ التى انعمت علىّ } من العلم والنبوة والملك والعدل وفهم كلام الطير ونحوها { وعلى والدىّ } اى على والدى داود بن ايشا بالنبوة وتسبيح الجبال والطير معه وصنعة اللبوس والانة الحديد وغيرها وعلى والدتى بتشايع بنت اليائن كانت امرأة اوريا التى امتحن بها داود وهى امرأة مسلمة زاكية طاهرة وهى التى قالت له يابنى لاتكثرن النوم بالليل فانه يدع الرجل فقيرا يوم القيامة كذا فى كشف الاسرار وادرج ذكر والديه فان الانعام عليهما انعام عليه مستوجب للشكر ضرورة ان انتساب الابن الى اب شريف نعمة من الله تعالى على ابن فيشكر بتلك النعمة.
والاشارة قال سليمان القلب انعمت على وعلى والدى الروح بافاضة الفيض الربانى وعلى والدتى الجسد باستعماله فى اركان الشريعة وبهذين الامرين تكمل النعمة اللهم اجعلنا منعمين شاكرين { وان اعمل صالحا ترضاه } تماما للشكر واستدامة للنعمة. ومعنى ترضاه بالفارسية [بسندى آنرا]. قال ابو الليث يعنى يعنى تقبله منى { وادخلنى } الجنة { برحمتك } فانه لايدخل الجنة احد الا بالرحمة والفضل لا بالعمل { فى عبادك الصالحين } فى جملتهم وهم الانبياء ومن تبعهم فى الصلاح مطلقا. قال ابن الشيخ الصلاح الكامل هو ان لايعصى الله تعالى ولايهم بمعصية وهو درجة عالية يطلبها كل نبى وولى واصلاح الله تعالى الانسان يكون تارة بخلقه اياه صالحا وتارة بازالة مافيه من الفساد والاول اعز واندر ولذلك جاءت اوائل الاحوال لا كثر الرجال متكدرة مشوبة وبالحجب الكثيرة مصحوبة [دربحر الحقائق آورده كه تشبيه كند وادى نمل را بهواى نفس حريص بردنيا ونمله منذره رابنفس لوامه وسليمان را بقلب ومساكن را بحواس خمسة] فعلى العاقل ان يكون على الهمة على مشرب سليمان كما يدل عليه سيره فى جو الهواء فانه بعد عن الارض وما تحويه قرب من السماء ومعاليه وانما التفت الى النملة تواضعا كما قال الحافظ

نظر كردن بدرويشان منافىء بزركى نيست سليمان باجنين حشمت نظرها بود بامورش

ومن يكن من اطيار هواء العشق فانه يفهم ألسنة الطير ومن لم ير سليمان الوقت كيف ادرك معنى الصوت

جون نديدى دمى سليمانرا توجه دانى زبان مرغانرا

والمراد بسليمان هو المرشد الكامل الذى بيده خاتم الحقيقة وبه يحفظ اقاليم القلوب ويطلع على اسرار الغيوب فالكل ينقاد له اما طوعا او كرها والذى ينقاد كرها هو كالشياطين فلابد من معرفة امام الوقت والانقياد له طوعا كما قال عليه السلام "من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية" ، ثم ان سليمان عليه السلام دعا بالثبات على الشكر والصلاح وختمه بسؤال الجنة كما فعل آباؤه الانبياء الكرام وهو لاينافى عصمته وكونه مأمون الغائلة بالنسبة الى الخاتمة. وفيه ارشاد للامة ان يكونوا على حالة حسنة من الشريعة ومرتبة مرضية من الطريقة ومنصب شريف من المعرفة ومقام عال من الحقيقة فان من لم ينضم الى معرفته الشريعة ومعاملة العبودية فهو مع الهالكين الفاسقين فى الدنيا والآخرة لامع الاحياء الصالحين فى الامور الباطنة والظاهرة نسأل الله سبحانه ان يوفقنا للاعمال المرضية والاحوال الحسنة ويحلينا بخلع الزهد والتقوى وغيرها من الامور المستحسنة انه بالاجابة جدير وهو على كل شىء قدير