التفاسير

< >
عرض

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ
٥٨
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ وامطرنا عليهم } بعد قلب قريتهم وجعل عاليها سافلها او على شذاذهم ومن كان منهم فى الاسفار { مطرا } غير معهود وهو حجارة السجيل { فساء مطر المنذرين } اى بئس مطر من انذر فلم يخف والمخصوص بالذم هو الحجارة. قال ابن عطية وهذه الآية اصل لمن جعل من الفقهاء الرجم فى اللوطى لان الله تعالى عذبهم على معصيتهم به ومذهب مالك رجم الفاعل والمفعول به أحصنا او لم يحصنا ومذهب الشافعى واحمد حكمه كالزنى فيه الرجم مع الاحصان والجلد مع عدمه ومذهب ابى حنيفة انه يعزر ولاحد عليه خلافا لصاحبيه فانهما الحقاه بالزنى. وفى شرح الاكمل ان ماذهب اليه ابو حنيفة انما هو استعظام لذلك الفعل فانه ليس فى القبح بحيث انه يجازى بما يجازى به القتل والزنى وانما التعزير لتسكين الفتنة الناجزة كما انه يقول فى اليمين الغموس انه لايجب فيه الكفارة لانه لعظمه لا يستتر بالكفارة. يقول الفقير عذبوا بالرجم لانه افظع العذاب كما ان اللواطة افحش المنهيات وبقلب المدينة لانهم قلبوا الابدان عند الاتيان فافهم فجوزوا بما يناسب اعمالهم الخبيثة

نه هركز شنيديم در عمر خويش كه بد مردرا نيك آمد به بيش

والاشارة فى الفاحشة الى كل مازلت به الاقدام عن الصراط المستقيم وامارتها فى الظاهر اتيان منهيات الشرع على وفق الطبع وهو النفس وعلاماتها فى الباطن حب الدنيا وشهواتها والاحتظاظ بها وفى الحديث "انتم على بينة من ربكم مالم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل وسكرة حب الدنيا" ، قال بعض الكبار ثلاثة من علامات الصدق والوصول الى محل الانبياء. الاول اسقاط قدر الدنيا والمال من قلبك حتى يصير الذهب والفضة عندك كالتراب. والثانى اسقاط رؤية الخلق عن قلبك بحيث لاتلتفت الى مدحهم وذمهم فكأنهم اموات وانت وحيد على الارض. والثالث احكام سياسة النفس حتى يكون فرحك من الجوع وترك الشهوات كفرح ابناء الدنيا بالشبع ونيل الشهوات. ثم ان المرأة الصالحة الجميلة ليست من قبيل الشهوت بل من اسباب التصفية وموافقتها من سعادات الدنيا كما قال على رضى الله عنه من سعادة الرجل خمسة ان تكون زوجته موافقة واولاده ابرارا واخوانه اتقيا وجيرانه صالحين ورزقه فى بلده. واما الغلام الامرد فمن اعظم فتن الدنيا اذ لاامكان لنكاحه كالمرأة. فعلى العاقل ان يجتنب عن زنى النظر ولواطته فضلا عن الوقوع فيهما فان الله تعالى اذا رأى عبده حيث ما نهى غار وقهر فالعياذ به من سطوته والالتجاء اليه من سخطه ونقمته