التفاسير

< >
عرض

أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٢٩
-العنكبوت

روح البيان في تفسير القرآن

{ ائنكم لتأتون الرجال } [آياشما مى آييد ومى كراييد بمردان بطريق مباشرت وآن كار زشت ميكنيد] { وتقطعون السبيل } السبيل من الطرق ماهو معتاد السلوك وفيه سهولة وقطع الطريق يقال على وجهين احدهما يراد به السير والسلوك والثانى يراد به الغصب من المارة والسالكين للطريق لانه يؤدى الى انقطاع الناس عن الطريق فجعل قطعا للطريق. والمعنى تتعرضون لابناء السبيل بالفاحشة حتى انقطع الناس عن طريقكم ـ روى ـ انهم كانوا كثيرا مايفعلونها بالغرباء ويجبرونهم عليها اوتقطعونها بالقتل واخذ المال وكانوا يفعلون ذلك لكيلا يدخلوا فى بلدهم ولا يتناولو من ثمارهم او تقطعون سبيل النسل بالاعراض عن الحرث واتيان ماليس بحرث { وتأتون } تفعلون وتتعاطون من غير مبالاة { فى ناديكم } فى مجلسكم ومتحدثكم الجامع لاصحابكم فانه لايقال النادى والندى الا لما فيه اهله فاذا قاموا عنه لم يبق ناديا. قال فى كشف الاسرار النادى مجمع القوم للسمر والانس وجمعه اندية { المنكر }. قال الراغب المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة انتهى. وهو ههنا امور. منها الجماع واللواطة فى المجالس بالعلانية والضراط وهو بالفارسية [بادرا رهايى كردن] زعمت الهند ان حبس الضراط داء وارساله دواء ولايحبسون فى مجالسهم ضرطة ولايرون ذلك عيبا وافلتت من معاوية ريح على المنبر فقال ايها الناس ان الله خلق ابدانا وجعل فيها ارياحا فمتى يتمالك الناس ان لاتخرج منهم فقال صعصعة بن صوحان فقال اما بعد فان خروج الارياح فى المتوضاة سنة وعلى المنابر بدعة واستغفر الله لى ولكم. ومنها حل ازرار القباء وضرب الاوتار والمزامير والسخرية بمن يمر بهم وفى هذا اعلام انه لاينبغى ان يتعاشر الناس على المناكير وان لايجتمعوا على الهزؤ والمناهى ـ سئل ـ الجنيدرحمه الله عن هذه الآية فقال كل شىء يجتمع الناس عليه الا الذكر فهو منكر وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو اى المنكر الحذف بالحصى: يعنى [بسر انكشت سبابه وناخن انكشت سترك سنك بمردم انداختن] وكانوا يجلسون على الطريق وعند كل واحد قصعة فيها حصى فمن مر بهم حذفوه فمن اصابه منهم فهو احق به فيأخذ مامعه وينكحه ويغرّمه ثلاثة دراهم ولهم قاض يقضى بينهم بذلك. ومنه "هواجور من قاضى سدوم" وفى الحديث "اياكم والحذف فانه لاينكى عدوا ولايقتل صيدا ولكن يفقأ العين ويكسر السن" وكان من اخلاق قوم لوط الرمى بالبنادق والجلاهق والغفير وتطريف الاصابع بالحناء والفرقعة اى مد الاصابع حتى تصوت ولذا كرهت فى الصلاة وخارجها لئلا يلزم التشبه بهم. ومن اخلاقهم مضغ العلك ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقهن لان سنها اضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الاسنان ويشد اللثة كالسواك ويكره للرجال اذا لم يكن من علة كالبخر لما فيه من تشبه النساء. ومن اخلاقهم السباب والفحش فى المزاح يقال المزاح يجلب صغيرة الشرك وكبيرة الحرب. ومن اخلاقهم اللعب بالحمام. عن سفيان الثورى انه قال كان اللعب بالحمام من عمل قوم لوط وان من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى يذوق ألم الفقر كما فى حياة الحيوان { فما كان جواب قومه } لما انكر عليهم قبائحهم { الا ان قالوا } له استهزاء [ماترك اين عملها نخواهيم كرد] { ائتنا بعذاب الله } [بيار عذاب خدايرا بما] { ان كنت من الصادقين } فيما تعدنا من نزول العذاب: وبالفارسية [از راست كويان درآنكه اين فعلها قبيح است وبسبب آن عذاب بشما نازل خواهد شد]. قال فى الارشاد فما كان جواب من جهتهم بشىء من الاشياء الا هذه الكلمة الشنيعة اى لم يصدر عنهم فى هذه المرة من مرات مواعظ لوط وقد كان اوعدهم فيها العذاب واما مافى سورة الاعراف من قوله { فما كان } الخ ومافى سورة النمل من قوله { فما كان } الخ فهو الذى صدر عنهم بعد هذه المرة وهى المرة الاخيرة من مرات المقالات الجارية بينهم وبينه عليه السلام