التفاسير

< >
عرض

فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٤٠
-العنكبوت

روح البيان في تفسير القرآن

{ فكلا } تفسير لما ينبىء عنه عدم سبقهم بطريق الابهام اى كل واحد من المذكورين { اخذنا بذنبه } اى عاقبناه بجنايته لابعضهم دون بعض كما يشعر به تقديم المفعول. قال بعضهم الاخذ اصله باليد ثم يستعار فى مواضع فيكون بمعنى القبول كما فى قوله { واخذتم على ذلك اصرى } اى قبلتم عهدى وبمعنى التعذيب فى هذا المقام. قال فى المفردات الاخذ حوز الشىء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو { معاذ الله ان نأخذ الامن وجدنا متاعنا عنده } وتارة بالقهر نحو { لا تأخذه سنة ولا نوم } ويقال اخذته الحمى ويعبر عن الاسير بالمأخوذ والاخيذ. قال فى الاسئلة المقحمة قوله { فكلا اخذنا بذنبه } دليل على انه تعالى لايعاقب احدا الا بذنبه وانهم يقولون انه تعالى لو عاقب ابتداء جاز والجواب نحن لاننكر انه تعالى يعاقب الكفار على كفرهم والمذنبين بذنبهم وانما الكلام فى انه لو عاقب ابتداء لايكون ظالما لانه يفعل مايشاء بحكم الملك المطلق { فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا } تفصيل للاخذ اى ريحا عاصفا فيه حصباء وهى الحصى الصغار وهم عاد او ملكا رماهم بها وهم قوم لوط { ومنهم من اخذته الصيحة } كمدين وثمود صاح بهم جبريل صيحة فانشقت قلوبهم وزهقت ارواحهم. وبالفارسية [بانك كرفت ايشانرا تا زهره ايشان ترقيد] { ومنهم من } [وازايشان كسى بودكه] { خسفنا به الارض } [فرو برديم اورا بزمين جون قارون واتباع او] فالباء للتعدية وهو الجزاء الوفاق لعمله لان المال الكثير يوضع غالبا تحت الارض { ومنهم من اغرقنا } كقوم نوح وفرعون وقومه والاغراق [غرقه كردن] كام فى التاج والغرق الرسوب فى الماء اى السفول والنزول فيه { وما كان الله ليظلمهم } بما فعل بهم بان يضع العقوبة فى غير موضعها فان ذلك محال من جهته تعالى لانه قد تبين بارسال الرسل { ولكن كانوا انفسهم يظلمون } بالاستمرار على مايوجب العذاب من انواع الكفر والمعاصى

اى كه حكم شرع را رد ميكنى راه باطل ميروى بدمكينى
جون توبد كردى بدى يابى جزا بس بديها جلمه باخود ميكنى

وفى المثنوى

بس تراهر غم كه بيش آيد زدرد بركسى تهمت منه برخويش كرد

قال وهب بن منبه قرأت فى بعض الكتب حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ومرارة الدنيا حلاوة الآخرة وظمأ الدينا رّى الآخرة ورّى الدنيا ظمأ الآخرة وفرح الدنيا حزن الآخرة وحزن الدنيا فرح الآخرة ومن قدم شيئا من خير او شر وجده والامر بآخره ألا ترى ان هؤلاء المذكورين لما صار آخر امرهم التكذيب او اخذوا عليه ولو صار التصديق لسومحوا فيما صدر عنهم اولا. والحاصل انهم لما عاشوا على الاصرار هلكوا على العذاب ويحشرون على ماماتوا عليه ولذا يقولون عند القيام من قبورهم واويلاه فقط وعظا الله بهذه الآيات اهل مكة ومن جاء بعدهم الى يوم القيام ليعتبروا وينتفعوا بعقولهم ويجتنبوا عن الظلم والاذى والاستكبار والافساد فان فيه الصلاح والنجاة والفوز بالمراد لكن التربية والارشاد انما تؤثر فى المستعد من العباد: قال الشيخ سعدى قدس سره

جون بود اصل جوهرى قابل تربيت را درو اثر باشد
هيج صيقل نكو نداند كرد آهنى را كه بدكهر باشد

والقرآن كالبحر وانما يتطهر به من كان من شأنه ذلك كالانسان واما الكلب فلا

سك بدرياى هفت كانه مشوى كه جو ترشد بليدتر باشد
خر عيسى اكر بمكه برند جون بيايد هنوز خرباشد

ـ حكى ـ ان بعض المتشيخين ادعى الفضل بسبب انه خدم فلانا العزيز اربعين سنة فقال واحد من العرفاء كان لذلك العزيز بغل قد ركبه اربعين سنة فلم يزل من ان يكون بغلا حتى هلك على حاله اى لم يؤثر فيه ركوب الانسان الكامل لعدم استعداده لكونه انسانا فافحم المدعى ولله دره نسأل الله الخروج من موطن النفس والاقامة فى حظيرة القدس